وحينما يعد يهودي شهور السنة، فإنه لا يبدأ بتشري الذي يُحتفَل فيه برأس السنة، وإنما يبدأ بنيسان (أوَّل شهور التقويم الديني) ، وربما كان هذا يعود إلى أن نيسان قد ورد ذكره في التوراة على أنه رأس الشهور. وهو كذلك الشهر الذي يُحتفَل فيه بالخروج، أهم أحداث التاريخ المقدَّس عند اليهود، وهو التاريخ الذي تم فيه خلق العالم (والحاخامات لا يتفقون جميعاً مع هذا الرأي) . وهكذا تقع رأس السنة في سابع شهورها. ويشير العهد القديم إلى هذا اليوم باعتباره أوَّل يوم في سابع شهر (لاويين ٢٣/٢٤) . ويعود هذا التناقض إلى أن الحضارة العبرانية كانت تدور في فلك الحضارة البابلية المتفوقة التي صبغت الشرق الأدنى القديم بصبغتها. وكان شهر تشري رأس السنة بالنسبة إلى البابليين ( «تشرينو» تعني «البداية» في اللغة البابلية) الذين كانوا يعتقدون أن كل آلهتهم تجتمع في ذلك اليوم في معبد مردوك (كبير الآلهة) لتجديد العالم، وللحكم على الأفراد والشعوب. وقد تبع العبرانيون البابليين في ذلك، وكان هذا اليوم، أي «روش هشَّاناه» ، يُسمَّى «يوم هازيخارون»(يوم التذكر والذكرى) أو يوم «هدين»(يوم الحساب) . وهو لم يُسمَّ باسمه هذا إلا في المشناه، أي في مرحلة لاحقة (وفي هذه يتبدَّى ما نسميه تركيب اليهودية الجيولوجي التراكمي) .