لا يوجد في يهودية ما قبل التهجير، ولا في معظم العهد القديم، إيمان واضح بخلود الروح. ولعل هذا يعود إلى النزعة الحلولية التي تمحو كل الثنائيات وترى أن الروح إن هي إلا جزء من الجسد تفنى بفنائه، وأن الموت إن هو إلا نقصان فيما يُسمَّى «المادة الحيوية» . ولذا، فقد أخذت الحياة الآخرة عندهم شكل شيول، وهو مكان محايد لا يعرف الثواب أو العقاب. ولم يُقدَّر لمفهوم خلود الروح أن يتبلور، بسبب تخبط الفكر الديني اليهودي بين الفكر الديني التوحيدي المصري وفكر بلاد الرافدين الحلولي، فقد أخذ بخلود الروح عن المصريين من ناحية وعن بلاد الرافدين من ناحية أخرى. وفي عبادة يسرائيل، أي في يهودية ما قبل التهجير، نجد أن ما يضفي معنى على الأشياء ليس حياة الفرد، وإنما تاريخ الأمة. ولذا، فإن الكتاب المقدَّس هو تاريخ الأمة، ويصبح هذا التاريخ محط اهتمام الإله واهتمام الشعب، ويصبح الخلود هو خلود الشعب. وقد طرح بعض الأنبياء فكرة خلود روح الفرد، وإن كان بشكل متردِّد وغير قاطع. ولا نعرف على وجه الدقة متى بدأت الفكرة تضرب بجذور راسخة في العقيدة اليهودية، ولكن يمكن القول بأن الفكرة بدأت تأخذ شكلاً محدداً في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد وبدأ الفريسيون يبشرون بها. واليهودية الهيلينية تفترض هي الأخرى فكرة خلود الروح، وأصبحت فكرة البعث التي تفترض خلود الروح إحدى العقائد الأساسية لليهودية.