وقد تطوَّر مفهوم الجنة مع تطوُّر المفاهيم الأخروية الأخرى، وظهرت مفاهيم مثل: العالم الآخر (الآتي) ، والمستقبل، والعصر المشيحاني، وكلها مفاهيم تدور حول فكرة الفردوس (وإن كان هذا الفردوس فردوساً أرضياً داخل الزمان) . ومع ظهور فكرة البعث وفكرة الثواب والعقاب الفرديين، صارت فكرة الجنة مرتبطة بهذه الأفكار وأصبحت جنة عدن "حديقة في العالم الآخر". بل ذهب بعض الحاخامات، لحل مشكلة الثنائية بين جنة عدن والجنة أو الفردوس الأرضي والفردوس السماوي، إلى أن جنة عدن نُقلَت إلى السماء. ومع هذا، لم يتبلور المفهوم تماماً، واختلط بمفهوم العالم الآتي وتداخل مع المفاهيم الفردوسية الأخرى. وهكذا، فإننا نجد أن الفكر القبَّالي يجعل الجنة (باراديس) في متناول العارفين بالقبَّالاه الذين يصلون إلى معنى التوراة الخفي، فيخترقون سطح توراة الخالق ليصلوا إلى توراة الفيض، ومن هنا ذهب القبَّاليون إلى أن بارديس هي التفسير المتعمق للتوراة. والحروف المكوِّنة لكلمة «بارديس» هي الحروف الأولى لمستويات التفسير الأربعة: ب = بيشاط (حرفي) ، ر = ريميز (رمزي) ، د = ديراش (وعظي) ، س = سود (باطني أو صوفي حلولي) . وفي العصر الحديث، تخلَّى الفكر الديني اليهودي عن هذه الفكرة تماماً، وهي لم تكن في أي وقت إحدى العقائد الأساسية.
أرض الموتى (شيول)
Sheol
«أرض الموتى» ترجمة لكلمة «شيول» العبرية التي تُستخدَم كاسم عَلَمْ، وهي مجهولة الأصل وتأتي دائماً في صيغة المؤنث وبدون أداة تعريف ولا تظهر في اللغات السامية الأخرى. وتشير الكلمة إلى مكان يسكن فيه الموتى. وقد أُشير إليه بأسماء أخرى، مثل «عفر» ، أي «تراب» ، و «جفر» ، أي «قبر» ، كما استُخدمت عبارات شتى للإشارة إليه مثل «مكان السكنى» ، و «أماكن الأرض السفلى» ، و «أرض الظلمة» . وتقع شيول إما تحت الأرض، أو تحت الماء، أو تحت قاعدة الجبال، وأحياناً تُصوَّر على هيئة تنين مخيف.