ولحياة رءوبيني دلالة عميقة، إذ يبدو أنه كان يرى أن مهمته تمهد للعصر المشيحاني، وربما إلى عودة الماشيَّح، وبالتالي يمكن أن نعده قائد أولى الحركات ذات الطابع المشيحاني، والتي ظهرت تعبيراً عن ضائقة أعضاء الجماعات اليهودية وبداية أزمة اليهودية نفسها في الغرب. كما يمكننا أن نرى في سيرة حياة رءوبيني ملامح من الحل الصهيوني للمسألة اليهودية. فرغم استفادته من التطلعات المشيحانية لدى اليهود، لم يَدَّع أنه نبي أو ماشيَّح، بل حاول أن يقدم برنامجاً سياسياً واقعياً عملياً، وأن يقدم نفسه كقائد عسكري، ويُلاحَظ أيضاً أنه أكد الفائدة العسكرية لليهود. وهذا ما حاولت الصهيونية إنجازه، فقد قدمت نفسها هي الأخرى باعتبارها الحل السياسي العسكري الواقعي للمسألة اليهودية. وقد علمنت الصهيونية التطلعات المشيحانية، وحولتها إلى حركة استيطانية. وقد أدرك رءوبيني إمكانية الاستفادة من التطلعات العسكرية لأوربا نحو الشرق، ومن الصراعات الداخلية فيها. فقد كان يعلم أن البابا يود تعزيز سلطته الدنيوية، وأن قيام حملة صليبية (على حد تعبيره) تحت رعايته لابد أن تنجز مثل هذا الهدف. وقد قدَّم هو حملته اليهودية على أنها تفي بهذا الغرض. والصهيونية دائمة الاستفادة من الصراعات داخل العالم الغربي، ومن التطلعات الاستعمارية للغرب. والواقع أن الحل الصهيوني ومخطط رءوبيني متماثلان، فكلاهما مبني على التحالف بين أعضاء الجماعات والغرب لتهجير اليهود وإعادة توطينهم في الشرق، وبذلك تتخلص أوربا منهم، وفي الوقت نفسه تفتح أجزاء من العالم المتخلف للنفوذ الغربي، أي أن حل رءوبيني شبه المشيحاني هو الحل الصهيوني الاستعماري.