وقد جاء في التوراة أن يعقوب قال إنه سيزور أخاه (تكوين ٣٣/١٤) ولكنه لم يفعل لأن الطريق كان صعباً عليه. وقد حان الوقت لأن يسير الماشيَّح في ذلك الطريق الذي يؤدي إلى الحياة الحقة التي تحمل كل معاني الحرية والإباحية (ولنلاحظ هذا الارتباط بين حالة السيولة الرحمية والإباحية الجنسية وهو أمر متكرر في الأنماط الحلولية) . فالطريق الجديد يؤدي إلى عالم لا توجد فيه قوانين ولا حدود، عالم تم فيه التجرد من كل الشرائع والقوانين والأديان، لكنه عالم ليس فيه حدود (الحد بمعنى «الحاجز الذي يفصل بين شيئين» وبمعنى «عقوبة مُقدَّرة وجبت على الجاني» وبمعنى «حدود الشخصية» أي هويتها) ، وتصبح العدمية والتخريب هما طريق الخلاص. إن هذا العالم الشرير لم يخلقه الإله الخفي، وهو مادة دنيئة تقف في وجه وصول الإنسان إلى الأخ الأعظم (ويُلاحَظ هنا الأثر العميق للغنوصية) . وحتى يتم إنجاز هذا الهدف، لابد أن تُحطَّم كل القوانين والتعاليم والممارسات التي تعوق تدفُّق الحياة:«لقد أتيت لأحرر العالم من كل الشرائع والعادات الموجودة فيه. إن مهمتي هي إزالة كل شيء حتى يستطيع الإله أن يكشف عن نفسه» . ثم تظهر العدمية الدينية بشكل أوضح في الحديث عن الطريق إلى الحياة الجديدة، فهو طريق جديد تماماً، وكما يقول فرانك:«أينما كان يخطو آدم، كانت تنشأ مدينة. لكن أينما أضع أنا قدمي، يجب أن يُدمَّر كل شيء، فقد أتيت إلى هذا العالم لأُدمِّر وأبيد» .