للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرانك نفسه تجسيد آخر للأخ الأعظم تقمصته الروح القدس. سمَّى نفسه «سانتو سنيورا» ، أي «السيد المقدَّس» ، وروج للمفهوم القبَّالي اللورياني للشر، وهو مفهوم يرى أن الشر ليس حقيقياً، وكل شيء، وضمن ذلك الشر نفسه، هو خير أو علقت به شرارات إلهية على الأقل. ومن هنا، فقد أعلن فرانك أن ظهور الماشيَّح أضفى القداسة على كل شيء في الحياة حتى الشر. وبهذا، برزت فكرة «الخطيئة المقدَّسة» التي ترى أنه ينبغي الوقوع في الخطيئة الكبرى حتى ينبثق عالم لا مكان فيه للخطيئة، عالم هو الخير كله. ولكي يصعد الإنسان، يجب عليه أن يهبط أولاً: «إنني لم آت إلى هذا العالم لكي أصعد بكم، بل لأهبط بكم إلى قاع الهوة، حيث لا يستطيع الإنسان أن يصعد بقوته الذاتية» . أما النزول إلى تلك الهوة، فهو لا يقتضي فقط ترك كل الأديان والمعتقدات، بل يوجب أيضاً اقتراف أعمال آثمة غريبة. وهذا يتطلب أن يتخلى الإنسان عن الإحساس بذاته إلى درجة تصبح معها الوقاحة والفجور هما ما يقود إلى إصلاح الأرواح. وقد عَيَّن فرانك اثني عشر من الإخوة أو الحواريين أو الرسل، هم تلاميذه الأساسيون (مثل حواريي المسيح) ، ولكنه عَيَّن أيضاً اثنتي عشرة أختاً كن في واقع الأمر خليلاته (فمن الواضح أن فرانك استمر في الممارسات الجنسية التي كان يمارسها باروخيا) . وأعلن أنه سيخلص العالم من كل النواميس الموجودة وسيتجاوز كل الحدود، فقضى ببطلان الشريعة اليهودية. ورغم أن الإله أرسل رسلاً إلى جماعة يسرائيل، فإن التوراة تتضمن شرائع يصعب مراعاتها وثبت عدم جدواها. والشريعة الحقة هي إذن التوراة الروحية أو توراة الفيض التي أتى بها شبتاي تسفي. وشن فرانك حرباً شعواء على التلمود، وأعلن أن الزوهار هو وحده الكتاب المقدَّس. وكان الفرانكيون يُدعَون باسم «الزوهاريين» لهذا السبب. ومع هذا، وصلت العدمية بفرانك إلى منتهاها إذ طلب من أتباعه التخلي عن الزوهار نفسه، وعن كل تراث قبَّالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>