للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المعروف أنه حينما عاد اليهود من بابل، هيمن الكهنة عليهم وعلى مؤسساتهم الدينية والدنيوية، تلك المؤسسات التي عبَّر عن مصالحها فريق الصدوقيين. ولكن اليهودية كان قد دخلتها في بابل أفكار جديدة، كما أن وضع اليهود نفسه كان آخذاً في التغير، إذ أن حلم السيادة القومية لم يَعُد له أي أساس في الواقع، بعد التجارب القومية المتكررة الفاشلة، وبعد ظهور الإمبراطوريات الكبرى، الواحدة تلو الأخرى. وقد زاد عدد اليهود المنتشرين خارج فلسطين، وخصوصاً في بابل (ويقول فلافيوس إن عدد يهود فلسطين آنذاك كان نصف مليون وحسب، وإن كانت التقديرات التخمينية ترى أن عددهم يقع بين المليونين والمليون ونصف المليون، وهم أقلية بالنسبة ليهود العالم آنذاك) . ولكل ذلك، نشأت الحاجة إلى صيغة جديدة تعبِّر عن الوضع الجديد. ومن هنا، ظهر الفريسيون الذين لم يكونوا من عامة الشعب (عم هاآرتس) ، بل كان بعضهم من الأثرياء، وإن كانوا على العموم يتسمون بأنهم يعيشون من عملهم، فكان منهم الحرفيون والتجار، على عكس الصدوقيين الذين كانوا يشكلون طبقة كهنوتية أرستقراطية مرتبطة بالهيكل وتعيش من ريعه. ولذا، فرغم تميز الفريسيين طبقياً، ورغم تعصبهم للشريعة، وربما بسببه، فإنهم كانوا يلقون تأييد الجماهير.

<<  <  ج: ص:  >  >>