وتتلخص رسالة يسرائيل، حسب وجهة نظر الفريسيين، في مساعدة الشعوب الأخرى على معرفة الخالق وعلى الإيمان به، ولذا فإنهم لم يكونوا كالفرق القومية المغلقة، وإنما قاموا بنشاط تبشيري خارج فلسطين، الأمر الذي يفسر زيادة عدد يهود الإمبراطورية الرومانية في القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي. وقد بيَّنت هذه الحركة التبشيرية مدى ابتعاد الفريسيين عن الحلولية الوثنية التي تولِّد نسقاً دينياً قومياً مغلقاً، يتوارثه من هو داخل دائرة القداسة ويستبعد من سواه، لأن الإيمان لا يَصلُح أساساً للانتماء. وثمة نظرية جديدة تقول إن المسيح عليه السلام كان (في الأصل) فريسياً من أتباع مدرسة هليل ذات الاتجاه العالمي التبشيري، والتي كانت ترى أن مهمة اليهود نشر وصايا نوح بين الأغيار، وأنه حينما كان يشير إلى «الكتبة والفريسيين» إشارات سلبية وقدحية فإنما كان يشير إلى أتباع شماي وحسب.
وقد دخل الفريسيون في صراع دائم مع الصدوقيين على النفوذ والمكانة والامتيازات. فكانوا يتصرفون مثل الكهنة كأن يأكلوا كجماعة، ويقيموا شعائر الختان، بل حاولوا فرض نفوذهم على الهيكل نفسه على حساب الصدوقيين، وذلك عن طريق ممارسة بعض الطقوس المقصورة على الهيكل خارجه. وقد قوي نفوذ الفريسيين مع ثراء الدولة الحشمونية والرخاء الذي ساد عصرها بعض الوقت. وبلغوا درجة من القوة حتى إنهم نجحوا في حَمْل الكاهن الأعظم على القَسَم بأنه سيقيم طقوس عيد يوم الغفران حسب تعاليمهم.