للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا، لم تنتشر اليهودية القرّائية بين اليهود، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تفسير. ويُقال إن القرّائين كانوا يضمون في صفوفهم كثيراً من التقاة الذين تمسكوا بالتفسير الحرفي للتوراة، وقد أدَّى هذا إلى تَجمُّد فكرهم، وتحوُّلهم إلى حفرية دينية. ولقد وجد كثير من الجماعات القرّائية في تربة إسلامية. ولعلهم وجدوا أن من المنطقي، بعد أن طهروا اليهودية من النزعة الحلولية، وبعد فَرْض الصيغة التوحيدية عليها، أن يعتنقوا الإسلام، وخصوصاً أن ثمة إشارات إلى أن عنان بن داود كان يؤمن، مثله مثل أبى عيسى الأصفهاني، بأن عيسى (عليه السلام) ومحمداً (صلى الله عليه وسلم) من الأنبياء.

عنان بن داود (القرن الثامن الميلادي (

Anan Ben David

مؤسس مذهب القرّائين، ويُقال إنه كان ابن رأس الجالوت في العراق. وقد درس ابن داود الشريعة، ولكن رؤساء الحلقات التلمودية رفضوا تعيينه مكان أبيه، حسب المصادر اليهودية الحاخامية، فرفض الإذعان لقرارهم ودخل في خلاف حاد معهم عام ٧٦٢. وحينما أُلقي به في السجن بتهمة التمرد، طالب بالإفراج عنه باعتبار أنه ينتمي إلى جماعة دينية مختلفة عن الجماعة اليهودية، فأُجيب طلبه. وبعد الإفراج عنه، أسس ابن داود الفرقة الجديدة في الفترة ٧٦٢ ـ ٧٦٧ والتي كانت تُسمَّى في بادئ الأمر بـ «العنانية» ، ونشر عام ٧٧٠ كتابه سفر هامتسفوت باللغة الآرامية (كتاب الأوامر والنواهي) ولم يبق من الكتاب سوى بضعة أجزاء. ولكن لا يمكن تفسير ظهور هذه الفرقة على أساس هذا الحادث الشخصي، فمن الواضح أن اليهودية كانت تواجه تحدياً فكرياً ضخماً بعد انتشار الإسلام، وكان عليها أن تستجيب له. وكان عنان بن داود يمثل أولى هذه الاستجابات، ثم تبعه سعيد بن يوسف الفيومي، المتحدث باسم اليهودية الحاخامية ومحددها.

<<  <  ج: ص:  >  >>