٤ ـ يُلاحَظ أن الحلول الإلهي مسألة متوارثة في مجموعة من الناس، فكأن الإله بحلوله في عائلة ما يصبح جزءاً عضوياً يجري في عروقها، وكأن الربانية أصبحت صفة بيولوجية وليست صفة تعبر عن نفسها في أعمال أخلاقية تتبدَّى من خلالها التقوى. والنظم الحلولية نظم عضوية، والإنسان الذي يتمتع بالحلول يتجاوز الخير والشر. وهذه صفات موجودة في النسق السبئي. ولم تذكر المصادر التي توافرت لنا شيئاً عن سلوك السبئيين وما إذا كانوا قد انغمسوا في ممارسات جنسية داعرة تعبر عن الحلول الإلهي العضوي في أجسادهم أو تعبِّر عن سقوط القيم الأخلاقية.
٥ ـ المنظومة الحلولية تتسم بعدم النضج المعرفي، فهي تنحو نحو اختزال الكون في عناصر سببية بسيطة، فالإمام سيملأ الدنيا عدلاً بعد أن امتلأت جوراً، أي أن كل الثغرات ستُسد ويظهر عالم واضح عضوي مصمت، لا ثغرات فيه، عالم متأيقن تماماً، السبب مرتبط تماماً فيه بالنتيجة. أما من الناحية النفسية فالإنسان الحلولي يرفض الحدود ويفضل البقاء في حالة سيولة كونية رحمية (نسبة إلى الرَحم) ، ومن ثم يرفض أن يكبح جماح غرائزه بل يرفض الموت، الحد الأكبر المفروض على الإنسان والنتيجة الطبيعية لإيمان الإنسان بالإله الواحد. ويتبدَّى هذا أيضاً في المنظومة السبئية حيث تُرفَض فكرة الموت بالنسبة لعليّ (رضي الله عنه) ولمن يرث الروح الإلهية. فكأن النسق الحلولي يعد أتباعه بأنهم سيصيبون الأزلية في الدنيا، أي سيصبحون آلهة. بل يمكن القول بأن تحديد المنظومة السبئية لعليّ (رضي الله عنه) ، كنقطة للحلول الإلهي، هو بحث عن نقطة فردوسية (غنوصية) طاهرة تماماً لا يوجد فيها أي تركيب أو تناقض، نقطة الوحدة الحقّة للوجود.