وقد بلورت الكنيسة موقفها في مفهوم الشعب الشاهد الذي يقرر أن التنصر لابد أن يتم بكامل حرية اليهودي. ولذا، فحينما كانت تحدث مذابح تؤدي إلى تنصر بعض اليهود، فإن السلطات كانت تسمح لهم بالعودة إلى دينهم. ومع هذا، كانت هناك أعداد كبيرة من اليهود تتنصر مع بدايات العصور الوسطى لأسباب عدة: روحية (مثل الإعجاب بالمسيحية) ، ومادية (مثل الرغبة في الثروة أو الحراك الاجتماعي أو الخوف من السلطة) . ولا توجد إحصاءات عن عدد المتنصرين، ولكن يبدو أن أعداد المتنصرين في إسبانيا المسيحية كانت عالية للغاية، خصوصاً بين أعضاء النخبة. والواقع أن يهود إسبانيا تنصروا بكامل حريتهم، نظراً لأنهم كانوا مندمجين أصلاً في المحيط الحضاري الإسباني الكاثوليكي، ونظراً لتآكل اليهودية بين أعضاء النخبة. بل ذهب بعض الحاخامات إلى القول بأن طرد اليهود من إسبانيا هو عقاب لهم على تَرْكهم للدين وعلى ارتداد نخبتهم. وقد ظهرت العقيدة الاسترجاعية في عصر النهضة والإصلاح الديني. وهي عقيدة تذهب إلى أن الخلاص لن يتم إلا بجمع شمل اليهود في فلسطين بعودتهم إليها، ثم تنصيرهم. وأصبحت العودة والتنصير من علامات الساعة. وهذا يفسر إبهام الموقف البروتستانتي من اليهود حيث ينحو منحى صهيونياً ويتخذ موقفاً معادياً لليهود في آن واحد. وقد قام يهود المارانو بدور حاسم في عملية تنصير اليهودية، فقد أشاعوا القبَّالاه (وخصوصاً القبَّالاه اللوريانية) المتأثرة بالمسيحية لدرجة أن أتباع أبي العافية تنصروا لاكتشافهم الشبه بين نسقه الفكري والمسيحية، كما أن كثيراً منهم كانوا مسيحيين صادقين في إيمانهم، وفُرضت عليهم اليهودية فرضاً بسبب غباء محاكم التفتيش وعنصريتها. ولذا، فإنهم كانوا يفكرون من خلال إطار مسيحي كاثوليكي. وحتى أولئك اليهود المتخفون الذين احتفظوا بيهوديتهم سراً، أصبح إطارهم المفاهيمي كاثوليكياً. فهم، على سبيل المثال، كانوا يؤمنون بالقديسة «سانت إستير» ، بل