الحسيدية تعبير متبلور عن الطبقة الحلولية داخل التركيب الجيولوجي اليهودي الذي يمزج بين الشعب والأرض والإله. وكثيراً ما كانت هذه الحلولية تتبدَّى في شكل حركات مشيحانية كان آخرها الحركة الشبتانية. ومع هذا، فإن الحسيدية قد حددت هذه الأفكار وعمقتها بطريقتين: فقد أوصلت كثيراً منها إلى نتائجها المنطقية وأكسبتها أبعاداً جديدة من خلال القبَّالاه اللوريانية التي تشكل الإطار النظري الكامن للحسيدية. فالقبَّالاه اللوريانية لا تركز على حادثة تَهشُّم الأوعية (شفيرات هكليم) وحسب، وإنما تركز أيضاً على تَبعثُّر الشرارات الإلهية (نيتسوتسوت) ، أي وجود الإله في كل مكان. ويظهر هذا في تأكيد بعل شيم طوف وجود الإله، أو الشرارات الإلهية، فعلاً في النبات والحيوانات، وفي أي فعل إنساني، بل في الخير والشر نفسيهما. ويرى الحسيديون أن العالم بمنزلة ثوب الإله، صَدَر عنه ولكنه جزء منه، تماماً مثل محارة الحيوان البحري المعروف بالحلزون، قشرته الخارجية جزء لا يتجزأ منه. والحسيديون يؤمنون بالتالي بأن الإله هو كل شيء وما عدا ذلك وهم وباطل، أي أن الحسيدية تعبير عن الحلولية في مرحلة وحدة الوجود الروحية التي لا تختلف عن وحدة الوجود المادية إلا في تسمية المبدأ الواحد أو القوة الكامنة في المادة الدافعة لها، إذ يسميها دعاة وحدة الوجود الروحية «الإله» ، أما دعاة وحدة الوجود المادية فيسمونها «قوانين المادة والحركة» .