للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانكماش يؤدي إلى ظهور الفراغ، والفراغ قد يطرح على الإنسان بعض الأسئلة النهائية ويولد الشك في نفسه. ولكن هناك سؤالاً آخر ينبع من تحطُّم الأوعية (شفيرات هكليم) . وحسب هذه النظرية، فإن الانكماش أدَّى إلى ظهور المحارة، وهذه المحارة هي الدراسات العلمانية، مصدر الشك والهرطقة. فالأسئلة الكبرى تأتي من الفراغ، ثم من خلال الصمت. ولذا، فإن الإجابة عنها لا تكون إلا «بالصمت المقدَّس» (وهي من عبارات جيكوب فرانك الأثيرة) . والصمت المقدَّس هو الإيمان الأعمى، الذي يتجاوز الشك تماماً ويصل إلى الجوهر الإلهي، وهو أمر غير متاح للإنسان إلا بأن يعبد الإله بطريقة مباشرة ساذجة. ولذا، عارض مناحم دراسة الفلسفة. فالإيمان يبتدئ حينما ينتهي العقل. وحالة المنفى مستمرة بسبب ضعف الإيمان، فالخلاص إن هو إلا حسم كل التناقضات والشكوك. ولكن السقوط في الشك ليس أمراً سيئاً تماماً، فالسقوط شرط من شروط الصعود.

وتشكل الأرض عنصراً أساسياً في نسق مناحم الذي يذهب إلى أن الإنسان الذي يعرف كيف يتكيف مع إيقاع الكون يمكنه أن يفقد ذاته من خلاله، ومن ثم يكشف الإله له نفسه من خلال المراحل المختلفة في الطبيعة فيستطيع الإنسان الالتصاق به. وأرض إسرائيل تعطي الإنسان اليهودي الفرصة لهذا الالتصاق بالإله. وكان مناحم يدَّعي أنه أصبح أعظم القادة التساديك لأن جو أرض إسرائيل قد منحه الحكمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>