للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطة الروسية، فأُعيد القبض على شنياءور زلمان، وأُحضر إلى العاصمة حيث سُجن مدة أخرى وأُفرج عنه. ولم يتوقف الصراع المرير إلا بعد تَدخُّل الحكومة القيصرية التي أعطت الحسيديين الحق (عام ١٨٠٤) في أن يقوموا بنشاطهم دون تَدخُّل من المؤسسة الحاخامية. وقد ساعد على فض الاشتباك تقسيم بولندا لأن المقاطعات الحسيدية ضُمَّت إلى النمسا في حين ضمت روسيا مقاطعات قيادتها أساساً من المتنجديم.

ومع هذا، فلا يزال الصراع دائراً حتى الآن، وله أصداؤه في الكيان الصهيوني. ويبدو أن حزب ديجيل هاتوراه يمثل المتنجديم والنخبة الليتوانية (الليتفاك) في مواجهة حبد والحسيديين الذين يمثلهم حزب أجودات إسرائيل. وقد سُئل الحاخام شاخ، الزعيم الروحي لديجيل هاتوراه، عن أقرب الديانات إلى اليهودية، فقال: حبد. وهي إجابة ساخرة تعني أنه لا يعتبر الحسيديين يهوداً.

أثر الحسيدية في الوجدان اليهودي المعاصر

Impact of Hassidism on the Contemporary Jewish Imagination

أثَّرت الحسيدية (بحلوليتها المتطرفة) في الوجدان اليهودي المعاصر تأثيراً قوياً، ففرويد العَالم النفساني النمساوي اليهودي، كان مهتماً بالحسيدية القبَّالية، ومن هنا كانت نظرياته في الجنس، وفي علاقة الذات بالكون. كما أن أدب كافكا متأثر بالحسيدية أيضاً. ويظهر تأثيرها واضحاً تماماً في أعمال مارتن بوبر وفلسفته التي تُوصَف بأنها «حسيدية جديدة» لأن الإله حسب هذه الفلسفة لا يحل في مخلوقاته ويؤثر فيها وحسب، بل إن مخلوقاته تؤثر فيه بدورها، ولذا يكتسب كلُّ فعل، مهما تدنَّى، دلالة كونية. كما أن بوبر كان يقدس الحسيديين بوصفهم جماعة عضوية مترابطة، أو شعباً عضوياً (فولك) ، فهذا هو نموذجه للشعب اليهودي. والتساديك بالنسبة له هو القيادة الكاريزمية للشعب العضوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>