يمكن تفسير الفكر اليهودي الأرثوذكسي تفسيراً معادياً تماماً للصهيونية. فالإيمان بالعودة الشخصية للماشيَّح يعني الانتظار في صبر وأناة إلى أن يأذن الإله بالعودة. وعلى المؤمن الحق أن يقبل المنفى، إما عقاباً على ذنوب يسرائيل أو كجزء من التكليف الإلهي، وعليه ألا يحاول التعجيل بالنهاية (دحيكات هاكتس) . وقد كانت الفرق الأرثوذكسية معادية للصهيونية في بادئ الأمر. ولكن هذه الأرثوذكسية تمت صهينتها على يد بعض الحاخامات الأرثوذكس، وخصوصاً الحاخام كوك (ومن قبله كاليشر والقالي) . وكانت متتالية الخلاص في الماضي تأخذ الشكل التالي:
نفي ـ انتظار ـ عودة الشعب
أما الآن، فإن المتتالية الجديدة المقترحة هي: نفي ـ عودة أعداد من اليهود للتمهيد لوصول الماشيَّح ـ عودة الماشيَّح مع بقية الشعب.
ومن هنا، تمت صهينة الأرثوذكسية، ولم يبق سوى فريق الناطوري كارتا الذي يدافع عن الرؤية الأرثوذكسية التقليدية قبل صهينتها. وعملية الصهينة هذه ليست أمراً غريباً، فالرؤية الحلولية، في إحدى مراحلها، تخلع القداسة على الشعب وإرادته. ولذا تبهت الإرادة الإلهية وتتراجع ويصبح من حق اليهود أن يعجلوا بالنهاية. وعلى كلٍّ، فإن المنظومة القبَّالية التي يؤمن بها الأرثوذكس تجعل تَوحُّد الذات الإلهية واكتمالها مرهوناً بأفعال اليهود ومدى إقامتهم الشعائر!