للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد انطلق فرانكل في قراره هذا مما أسماه «ثوابت اليهودية التاريخية» . ووصف العبرية بأنها التربة التي نشأت فيها اليهودية وترعرعت، وهي التربة الوحيدة التي يمكن أن تستمر وتزدهر فيها في المستقبل. ويعترف فرانكل بأن العبرية ليست مكوِّناً أصلياً في اليهودية فهما قد ارتبطتا أثناء ممارسة اليهودية في التاريخ. ولكنه يرى أن هذا الارتباط، برغم أنه تم في الزمان، فإنه قد تجاوزه بحيث أصبح مطلقاً لا زمانياً. وهكذا، فإن العبرية التي كانت مجرد أداة عبَّرت اليهودية عن نفسها من خلالها أصبحت جوهراً، أي واحداً من الثوابت الراسخة في الوجدان اليهودي ينبغي التمسك به. والواقع أن الثوابت عند فرانكل هي المطلقات الدينية التي تستمد مطلقيتها وقداستها من ممارسة اليهود التاريخية، ويصبح معيار تَقبُّل أحد جوانب اليهودية أو رفضه ليس الشريعة الثابتة وإنما مدى الأهمية التي خلعها الوجدان اليهودي على هذا الجانب أو ذاك من العقيدة اليهودية. فالعبرية تكتسب قدسيتها وأهميتها وتتحول إلى أحد الثوابت من هذا المنظور. وهذه الرؤية تعبير عن الطبقة الحلولية في التركيب الجيولوجي اليهودي وعن تحوُّل الشعب اليهودي إلى نقطة الحلول التي يكمُن فيها الإله والتي تحل محل الإله كمصدر للقداسة.

وتعود رؤية فرانكل الحلولية العضوية بجذورها إلى الحلولية اليهودية، ولكنها تشبه أيضاً رؤية المفكرين الرومانتيكيين الألمان الذين خلعوا القداسة على الشعب العضوي (فولك) ، ونظروا إلى حضارة كل شعب على أنه كيان عضوي مقدَّس يعبِّر عن روح الشعب، وهذه هي المفاهيم التي تبنتها الحركة النازية فيما بعد.

وقد تأثر أعلام الفكر اليهودي المحافظ، مثل سولومون شختر ولويس جنزبرج، بأفكار فرانكل. ومن أهم مؤلفاته طريق المشناه (١٨٥٩) ، وبعض الأبحاث القصيرة عن الترجوم، والترجمة السبعينية، والتلمود.

إسحق ليزر (١٨٠٦-١٨٦٨ (

Isaac Leeser

<<  <  ج: ص:  >  >>