لابد أن نذكر ابتداءً أن المذهب المسيطر على الحياة الدينية في إسرائيل هو اليهودية الأرثوذكسية. ولكننا، رغم ذلك، نرى أن الفكر الصهيوني يشبه في كثير من الوجوه فكر اليهودية المحافظة، فكلاهما يتبنى مقولات اليهودية الأرثوذكسية الحلولية بعد أن علمنها كلٌّ منهما على طريقته. فبينما يؤكد الأرثوذكس الأصول المقدَّسة الربانية للتراث اليهودي، يرى المحافظون أنه تراث مقدَّس، ولا يعنون كثيراً بمصدر القداسة. وعلى حين يلغي الأرثوذكس التاريخ الزمني كليةً ولا يدورون إلا داخل إطار التاريخ المقدَّس، نجد أن المحافظين يتحدثون عن تاريخ يهودي لا يختلف كثيراً عن التاريخ المقدَّس. وبينما يصر الأرثوذكس على مقولة أن الدين اليهودي هو القومية اليهودية وعلى أن القومية هي الدين، يحاول المحافظون تمويه هذه الحقيقة والتخفيف من حدتها بعض الشيء بالحديث عن الروح المقدَّسة للشعب، وجعلها مصدر القداسة بدلاً من الإله، وكذلك بالحديث عن اليهودية كخليط من العقيدة الدينية والهوية الإثنية، وهو خليط أخذ يتطور منذ القدم حتى الوقت الحاضر. وهكذا، فإننا نجد أن اليهودية المحافظة هي الحلولية اليهودية التقليدية، بعد أن تم ترجيح كفة الجانب البشري على الجانب الإلهي، وهذا هو جوهر الصهيونية أيضاً.