ووفقاً لروزنزفايج، فإن اليهودية والمسيحية) كلتيهما) جماعتان دينيتان لكل أصالتها، وهما تشكلان قناتين تصب من خلالهما الأزلية في مجرى الزمان. لكن اليهودية هي الحياة الأزلية والمسيحية هي الطريق الأزلي. وفي التقويم اليهودي الديني، وكذلك صلوات اليهود، يُحَتفى بإيقاع الخلق - الوحي - الخلاص، وهو ما يؤدي إلى وضع اليهود خارج التاريخ. فثمة قناة توصل بين اليهود والإله مباشرةً، ولذا فإن الوجود اليهودي يُبشر بخلاص الجميع (وهنا نشعر مرة أخرى بأثر القبَّالاه اللوريانية) . كما أن الأرض اليهودية المقدَّسة، واللغة اليهودية المقدَّسة، والتوراة المقدَّسة، منفصلة عن تتالي الزمان. وكذلك، فإن اليهودي يدخل الميثاق مع الرب بالمولد، ولذا فإن استمرار اليهودية لا يتوقف على تَهوُّد الأغيار، فمهمة اليهود أن «يكونوا يهوداً» لا أن يبشروا باليهودية. فكأن اليهودية خاصية أنطولوجية لصيقة بالجوهر اليهودي، وهذا أمر مستحيل إلا في إطار حلولي. أما المسيحية فتقف على طرف النقيض من ذلك، فهي دائماً «في الطريق» المؤدي من مجيء المسيح في المرة الأولى إلى مجيئه مرة ثانية. وهي ذات طبيعة مختلفة ودور تاريخي مختلف. فكل مسيحي ينتقل من حالة الطبيعة والوثنية إلى المسيحية من خلال الإيمان الديني والتعميد (لا المولد) ، ومن ثم فإن التبشير مسألة أساسية بالنسبة للمسيحية (وهي مسألة مستحيلة داخل الإطار الحلولي اليهودي) . وكما يُلاحظ روزنزفايج أيضاً، فإن المسيحي يحتاج إلى وسيط ليدخل في علاقة مع الإله أما اليهودي فلا يحتاج إلى مثل هذه الوساطة. وإذا أردنا تفسير هذه الفكرة باستخدام نموذج الحلولية، فيمكننا أن نقول إن الشعب اليهودي جزء من الإله بسبب الحلول الإلهي فيه، ولذا فهو شعب مقدَّس بطبيعته، لا يحتاج إلى وسيط. أما المسيحي فهو من البشر العاديين، خال من القداسة ويتطلع إليها، ولذا فهو يحتاج إلى كهنوت تتركز فيه القداسة ليكون بمنزلة الطريق بين