ويمكننا أن نصف ما بعد الحداثة بأنها حالة من التعددية المفرطة التي تؤدي إلى اختفاء المركز وتساوي كل الأشياء وسقوطها في قبضة الصيرورة بحيث لا يبقى شيء متجاوز لقانون الحركة (المادية أو التاريخية) ، فتصبح كل الأمور نسبية وتغيب المرجعية والمعيارية، بل ويختفي مفهوم الإنسانية المشتركة (باعتباره معيارية أخيرة ونهائية) . فتَفْسُد اللغة كأداة للتواصل بين البشر وينفصل الدال عن المدلول وتطفو الدوال وتتراقص دون منطق واضح فيما يُطلَق عليه «رقص الدوال» ، وتختفي فكرة الكل تماماً. وما بعد الحداثة تعبير عن انتقال الفكر الغربي من مرحلة الثنائية الصلبة إلى مرحلة الحلولية الكمونية الكاملة والسيولة حيث يختفي المركز تماماً.
التبادل الاختياري بين اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وما بعد الحداثة
Elective Affinity between Judaism and Members of Jewish Communities and Post-Modernism
يرى بعض دعاة ما بعد الحداثة (من أعضاء الجماعات اليهودية ومن غير اليهود) أن ثمة عناصر في اليهودية وفي وضع أعضاء الجماعات اليهودية تجعلهم يتجهون نحو ما بعد الحداثة فيتأثرون بها ويساهمون في فكرها بشكل ملحوظ. وفي بقية هذا المدخل سنورد بعض آرائهم ونعبِّر عنها بمصطلحاتهم، ولكننا نستخدم أحياناً مصطلحنا لفك شفرة مصطلحاتهم ولتوضيح أبعادها الفلسفية الكامنة.