وتمتد الرؤية الصراعية لتتجاوز الصراع بين الناقد والنص لتصبح صراعاً بين الشاعر والشاعر. فكل نص قديم يُشكل أصلاً يترك أثره فيما بعده، فهو حاضر/غائب، ومهمة الشاعر المبدع أن يحاول أن التحرر من أي أصل ثابت، وتتحدد درجة الإبداع بمدى الإفلات من أثر الأسلاف بل من أي أثر لأي أصول، أي أن الإبداع هو إنكار الأصول الربانية أو الإنسانية، هو عملية تأله، فالإله وحده هو الذي لا أصل له. وثمة صور صراعية عديدة في كتابات بلوم فهو يشير إلى واقعة صراع يعقوب مع الإله (في صورة ملاك) فصرع يعقوب الإله/الملاك، ولذا فإنه سُمِّي «يسرائيل»(وهي كلمة معناها «يصارع الإله» أو «صرع الإله» ) .
كما يمجد بلوم شيطان جون ملتون (في ملحمة الفردوس المفقود) لأن الشيطان في حالة غيرة من الإله (الأصول) بسبب مقدرة الإله على الخلق وعجزه هو. فالشيطان هو الغنوصي الحقيقي الذي يصر على أنه قديم وليس مخلوقاً، تماماً مثل الإله نفسه وقادر على الخلق مثله. والشيطان يرفض تجسُّد المسيح (لحظة التجسد تشكل لحظة ثبات في الصيرورة التاريخية) . ولأن الشيطان يود تأكيد مقدرته على الخلق، فإنه يتزوج من الرذيلة متحدياً الإله فتلد له الرذيلة ابناً يُسمَّى «الموت» ، هو القصيدة الوحيدة التي يسمح له الإله بنظمها. فالشيطان هو مثال الشاعر القوي الذي يصارع الإله ويأتي بوحي بديل لوحي الإله والذي يود أن يزيل أثر الإله تماماً.