للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أ) بدأت الحياة الحديثة في الغرب بإعلان ظهور الإنسان الفرد الذي لا يذعن في حياته الخاصة لأية قوانين، ولا ينضوي داخل إطار أية مؤسسات ويُحقق في رقعة الحياة الخاصة خصوصيته وتَفرُّده وإبداعه. وعلى المستوى الاجتماعي، أُعلن أن الإنسان قادر على ممارسة إبداعه وإعمال عقله وهو ما يمكِّنه من الوصول إلى منظومات معرفية يمكنه من خلالها ترشيد بيئته ومجتمعه وذاته وتعظيم لذته ومنفعته والتحكم في كل شيء.

ب) أخذت عمليات الترشيد في التوسع التدريجي حتى اقتحمت حياة الإنسان الخاصة واستعمرتها (على حد قول هابرماس) ، وتم إخضاعها للقوانين الرشيدة العامة وكذلك تنميطها، فظهر الإنسان ذو البُعد الواحد المتشيئ الذي لا يعرف أية خصوصية؛ إنسان بلا باطن، خاضع تماماً لعمليات الحوسلة والتغير. ومن ثم، أدَّت عمليات الترشيد إلى هيمنة الشمولية وتَغوُّل الدولة والمؤسسات البيروقراطية اللاشخصية على الإنسان، وتنميط حياته اليومية، وإعلان نهاية التاريخ والإنسان.

١٤ ـ التقاليد (الموضة (:

أ) تُعبِّر مسايرة التقاليد (الموضة) عن رغبة الإنسان العلماني (الطبيعي) في التجديد المستمر والتنوع والتعبير عن ذاته وإرادته. وهذا تعبير عن التمركز حول الذات.

ب) ولكن هذه التقاليع (الموضة) ليست ثمرة الإبداع الشخصي للإنسان، بل تقوم بها مؤسسات ليست ملتزمة سوى بقيمة واحدة هي الربح، ولذا فهي تخلق جواً إعلامياً يجعل من المستحيل على المرأة أن ترفض التقاليع (الموضة) . ويتم تغيير التقاليع (الموضة) سنوياً بهدف تعظيم الربح دون أية اعتبارات أخلاقية أو دينية أو إنسانية. ولكن على الجميع أن يعمل ويكد ليحقق الدخل المطلوب لمواكبة التقاليع (الموضة) . بل يمكن أن يكون اتّباع التقاليع (الموضة) تعبيراً عن محاكاة ببغائية لأزياء ممثلة مشهورة أو لاعب كرة، ولذا نجد أن التمركز حول الذات قد أدَّى إلى فقدانها وإلى التمركز حول الموضوع.

١٥ ـ الجنس العرضي:

<<  <  ج: ص:  >  >>