بدأ فاكنهايم حياته الفكرية الدينية بالتركيز على الوجود الإنساني باعتباره النقطة التي تؤدي إلى الإله، حيث ينظر الإنسان في ذاته وينتظر الكشف الإلهي (وهذه صيغة حلولية مخففة، فرغم أن الإله داخل الإنسان إلا أنه متجاوز له) . ويميِّز فاكنهايم بين الفلسفة العلمانية والعقيدة الدينية، فالفلسفة العلمانية تتعامل مع ما هو واضح ومحدد وقابل للتفسير، أما العقيدة الدينية فتتعامل مع النهائي، ومع ما لا يمكن الإفصاح عنه: الإله. وقد يتصور المرء، انطلاقاً من هذه الأطروحات، أن فلسفة فاكنهايم اكتسبت مركزاً متجاوزاً للحركة التاريخية والمادة الطبيعية، ولكننا نجد أن النزعة الحلولية عميقة متجذرة، ولهذا لا يتجاوز الإله الإنسان وإنما يحل فيه تماماً وتصبح العلاقة بين الخالق والمخلوق حوارية. وفي النهاية، فإن علاقة الشعب اليهودي بالإله تشكل مركز علاقة الإله بالبشر.
والتاريخ اليهودي الذي يجسد الهوية اليهودية هو المجال الدنيوي الزمني الذي يفصح فيه الخالق عن نفسه. فالتاريخ اليهودي تجسيد لكل من الإرادة (الهوية) اليهودية والإرادة الإلهية، وهذا الترادف كامن في الخطاب الحلولي.