«لاهوت التحرير» حركة دينية في العالم الغربي المسيحي ظهرت في صفوف المسيحيين الكاثوليك والبروتستانت ابتداءً من أوائل الستينيات، لكن أطروحاتها تحدَّدت وتبلورت في منتصف السبعينيات. وتَصدُر الحركة عن الإيمان بأن العقيدة الدينية هي في جوهرها رؤية ثورية للواقع ترى أن الإيمان الديني لا يعبِّر عن نفسه من خلال إقامة الشعائر الدينية وحسب، وإنما أيضاً من خلال الدفاع عن قيم العدل والمساواة الاجتماعية وحقوق الأقليات والمضطهدين ضد الاحتكارات العالمية وقوى الرجعية والطغيان العالمي، أي أنه موقف ديني يؤدي إلى تَبنِّي ما يُسمَّى «قيم التحرير»(ومن هنا التسمية) . ودعاة لاهوت التحرير يتمردون أيضاً على المؤسسات الدينية القائمة باعتبارها مؤسسات تم استيعابها في المؤسسات الحاكمة، سواء المحلية الرجعية أو العالمية الإمبريالية، ولهذ أصبحت هذه المؤسسات، من منظور دعاة لاهوت التحرير، امتداداً للسلطة توظِّف الدين والشعائر الدينية في خدمة مؤسسات الطغيان والظلم.
وكما هو الحال دائماً، تأثر الفكر الديني اليهودي بلاهوت التحرير المسيحي. وكما أدَّت حركة الإصلاح الديني إلى ظهور اليهودية الإصلاحية، وكما أدَّت الحركة المعادية للاستنارة بتأكيدها روح الشعب وروح الأرض إلى ظهور اليهودية المحافظة، وكما أدَّى ظهور موت الإله في المسيحية إلى ظهور مدرسة دينية مماثلة في اليهودية، فإن ظهور لاهوت التحرير في صفوف المسيحيين كان له صداه في صفوف أعضاء الجماعات اليهودية. ولكن، كما هو الحال دائماً، نجد أن هناك مرحلة زمنية تفصل بين الصوت والصدى، وأن لاهوت التحرير ظهر بين اليهود في الثمانينيات.