وقد ظلت نقابات البنائين مزدهرة حتى عصر النهضة في الغرب في القرن السادس عشر، وهو أيضاً عصر الإصلاح الديني، حين توقفت حركة بناء الكاتدرائيات وغيرها من المباني الدينية الكاثوليكية. ولكن ذلك تزامن مع ظهور الدولة القومية المطلقة التي قامت بتأسيس مشاريع عمرانية ضخمة تحت إشرافها كسلطة مركزية، ومن ثم بدأت الدعائم التي تستند إليها نقابات البنائين في الاهتزاز، شأنها في هذا شأن كثير من الجماعات الحرفية والمؤسسات الإقطاعية الأخرى وبدأت في التحول إلى جماعات خيرية أو جماعات تضامن تحاول أن تُوفِّر لأعضائها بعض الطمأنينة النفسية وشيئاً من الأمن الاقتصادي. ومع تَناقُص العضوية، بدأت النقابات تقبل في صفوفها أعضاء شرفيين ليحافظوا على الأعداد اللازمة، ومن هنا بدأ التمييز بين البنائين العاملين أو الأحرار، أي الذين يعملون بالحرفة فعلاً، والبنائين المقبولين أو الرمزيين. وظهرت الماسونية الرمزية أو التأملية أو النظرية أو الفلسفية التي حلت محل الماسونية الفعلية، بحيث تحوَّل البناء وأدواته من وظيفة إلى رمز. ولكن البناء (وأدواته) لم يكن المصدر الوحيد للرموز الماسونية، فكما أسلفنا كان هناك سليمان وهيكله، وهو يعتبر البنّاء الأول، وهيكله رمز الكمال الذي يطمح كل البنائين أو الماسون أن يصلوا إليه. ويبدو أن بعض رموز الملكية المقدَّسة في الدولة العبرانية وجدت طريقها إلى الشعائر والرموز الماسونية. وكانت هناك رموز مسيحية كثيرة مأخوذة من تقاليد جماعات الفرسان التي انتشرت في أوربا في العصور الوسطى، والتي يعود أصل معظمها إلى حروب الفرنجة والاستعمار الاستيطاني للفرنجة في فلسطين، مثل جماعة فرسان الهيكل (الداوية) وجماعة فرسان الإسعاف (الإسبتارية) وغيرهما. كما يحتل يوحنا المعمدان ويوحنا الرسول مكاناً خاصاً لديهم، وقد أسلفنا الإشارة إلى الأربعة المتوجين.