ويمكننا أن نقول إن الماسونية الربوبية هي ماسونية الفكر المركنتالي والدولة المطلقة، وماسونية الطبقات الأرستقراطية التي احتضنت الطبقات الوسطى الصاعدة باعتبارها قوة تستخدمها وتوظِّفها لصالح الدولة القومية المطلقة دون أن تسلمها صولجان الحكم والقيادة. وقد اكتشف الإنسان الغربي (منذ عصر نهضته، بعد ظهور ماكيافيللي وهوبز وفكرة القانون الطبيعي وضعف الإطار المسيحي التقليدي وانكماش سلطة الكنيسة الدنيوية) أن المطلق الوحيد في الإطار العلماني الشامل هو الدولة وأن مصلحتها العليا هي المطلق الأخلاقي الأسمى. وهذه الفلسفة علمانية شاملة تضع الخالق والغيب في موضع هامشي، وهذا ما تنجزه الماسونية الربوبية وتُعلمن الإنسان وتجعله يستبطن هذه القيمة المطلقة حتى يخضع لإرادة الدولة بدلاً من إرادة الخالق. داخل إطار عقلانى هادئ يشجع على تطويع الإنسان وتطبيعه. والدولة المطلقة إطار يضم كل الطبقات تحت قيادة هذه الملكية المطلقة أو تلك، أو أية ملكية أخرى في مواجهة الكنيسة التي كانت لا تزال تحاول الحفاظ على سلطانها الدنيوي. ومن ثم، نجد أن أعضاء الأرستقراطية انضموا إلى الحركات الماسونية، فقد انضم إليها ملكا بروسيا فريدريك الثاني وفريدريك الثالث، وملوك شبه جزيرة إسكندنافيا، وملك النمسا جوزيف الثاني، ونابليون وأفراد عائلته، وأعضاء الطبقة الوسطى الذين يطمحون إلى شيء من الحراك الاجتماعي. ويمكن تفسير انضمام أعضاء الأسرة المالكة الإنجليزية وأعضاء الأرستقراطية إلى الجماعات الماسونية من المنظور نفسه. وكان كثير ممن يُطلَق عليهم «مثقفو الطبقة الوسطى الصاعدة» من الماسونيين. كما يمكن أن نذكر من أعضائها فولتير ومونتسكيو والأنسيكلوبيديين (الموسوعيين) ، وفخته وجوته وهردر ولسنج وموتسارت، وأعضاء الجمعية الملكية في إنجلترا، وجورج واشنطن، وماتزيني وغاريبالدي.