قد يكون من المهم جداً، حين نحاول تحديد علاقة الماسونية باليهود واليهودية، أن نؤكد مرة أخرى الفرق بين أعضاء الجماعات اليهودية الخاضعين لحركيات الحضارات المختلفة التي ينتمون إليها واليهودية كنسق ديني أو حتى كتركيب جيولوجي. وقد يقول قائل إن الماسونية حركة لا علاقة لها بالدين بالمعنى الدقيق للكلمة باعتبارها حركة أخلاقية أخوية وحسب. فالدين علاقة بالخالق تأخذ شكل الإيمان به وعبادته، أما الأخلاق فهي نسق من الأفكار ينظم علاقة الإنسان بالإنسان لا بالخالق، ومن ثم فالماسونية تتعامل مع رقعة من الوجود الإنساني تختلف عن تلك التي يتعامل معها الدين. ولكن كلاًّ من التعريفين السابقين للأخلاق والدين قاصر، فالدين هو إيمان الإنسان بالإله (المطلق ـ الغيب) كعقيدة تترجم نفسها إلى سلوك وإلى علاقة بين الإنسان والإنسان. ولكن الدين ليس فقط عبادات وإنما معاملات أيضاً. والأخلاق بدورها ليست مجرد مجموعة من القواعد الخارجية التي تحدد سلوك الإنسان تجاه أخيه الإنسان، وإنما هي مجموعة من القواعد تستند إلى معنى داخلي يعتمد على رؤية للكون، ومن هنا التداخل بين الدين والأخلاق، وكذلك التداخل بين الماسونية والدين.