٣ ـ الحركة الماسونية حركة أممية تتجاوز الولاءات القومية (كما أن إنسان عصر الاستنارة هو إنسان أممي) . وقد كان أعضاء الجماعات اليهودية أعضاء في جماعات وظيفية وسيطة تقلل من الولاء للوطن وتجعل الولاء للجماعة الوظيفية أو المصالح المالية. كما أن فترة ظهور الماسونية هي أيضاً الفترة التي بدأ فيها يهود اليديشية في الهجرة بأعداد هائلة إلى كل أطراف العالم. والعناصر المهاجرة ليس لها ولاء قومي قوي. لكل هذا، نجحت المحافل الماسونية في اجتذاب بعض أعضاء الجماعات اليهودية فتزايدت معدلات العلمنة وضعف الانتماء القومي. ولعل في تَركُّز اليهود في القطاعات المالية والتجارية ما يفسر وجودهم بأعداد كبيرة في المحافل الماسونية. وحينما يربط المعادون لليهود بينهم وبين الحركة الماسونية، فإنهم محقون في ذلك تماماً إذ أن نسبة أعضاء الجماعات اليهودية في المحافل الماسونية عادةً ما تكون أعلى كثيراً من نسبتهم إلى عدد السكان. ولكن الخلل يبدأ حينما يطرحون تصوُّر وجود مؤامرة خفية، والأمر كله لا يعدو أن يكون ظاهرة اجتماعية. فالخلل ليس في الوصف وإنما في التفسير.