ولكن مهمة الأديان في هذا السياق هي خلق وحدة شاملة بين البشر تزداد اتساعاً مع مرور الزمن. فإبراهيم قام بتوحيد قبيلة، وموسى قام بتوحيد شعب، ومحمد (عليه الصلاة والسلام) قام بتوحيد أمة، أما المسيح فكان هدفه تطهير الأرواح وتحقيق قداسة الفرد، وقد تحققت بالفعل مهمة كل تجلٍّ إلهي. ولكن هذا لا يكفي إذ أن الحضارة ـ في هذا التصور ـ وصلت إلى مرحلة أصبحت معها وحدة الإنسان (وبالتالي وحدة الأديان) مسألة ضرورية. وهذه مهمة بهاء الله الذي ستتحقق على يديه وحدة الأديان وقداسة البشرية بأجمعها. وخالق العالم قد خَلَق الإنسان من خلال حبه له، والإنسان أنبل المخلوقات جميعاً خلقه الإله ليعرفه ويعبده. وهذا أمر يصعب فهمه في إطار حلولي، فالخالق هو المخلوق. ومن ثم، إذا عبد المخلوق الخالق فإنه يعبد نفسه أو يعبد قوة خفية لا يمكن الوصول إليها تشبه قوانين الطبيعة. وثمة تذبذب حاد ومتطرف هنا، بين الذاتية المتطرفة والموضوعية المتطرفة، يسم كل الأنساق الحلولية. ففي اليهودية نجد أن الشعب يتوحد تماماً مع الخالق، ومن ثم تصبح إرادة الشعب من إرادة الخالق. بل إن الخالق يحتاج إلى الشعب لتكامله. ولكن هذا الشعب لا إرادة له لأنه أداة في يد الخالق.