وفيما يتعلق بعلاقة البهائية بالعقيدة والجماعات اليهودية، فقد بيَّنا أن ثمة تماثلاً بنيوياً بين البهائية واليهودية في جانبها الحلولي. ولعل هذا هو السر في أن البهائية تجتذب كثيراً من اليهود الذين يعتنقون العقيدة البهائية. ففي إيران، مَهْد العقيدة، تَبنَّى كثير من أعضاء الجماعة اليهودية البهائية، وهو ما جعل الحاخامات يحاربون ضدها بشراسة. ولا يزال هذا موقف اليهودية الأرثوذكسية منها. ويُلاحَظ أن يهود الولايات المتحدة في الوقت الحالي يتجهون أيضاً إلى الماسونية والعبادات الجديدة والعقائد الغنوصية بأعداد كبيرة، وإن كانت الإحصاءات الدقيقة غير متوافرة. ومع هذا، فمن المعروف أن البهائية أصبح لها أتباع كثيرون في منطقة كاليفورنيا المعروفة بوجود كثافة يهودية عالية فيها.
والأمر ليس مؤامرة بهائية ضد اليهودية، وإنما هو تشابك بين نسقين عقيديين يستجيبان للاحتياجات نفسها ويجيبان عن الأسئلة نفسها بالطريقة السهلة نفسها. ومما يُسهِّل عملية اعتناق اليهود للبهائية أن ثمة تعاطفاً يسري في العقيدة البهائية نحو اليهودية والدولة الصهيونية. فقد كان عباس أفندي يرى أن الخلاص مرتبط بعودة اليهود إلى أرض الميعاد، ولكنه كان يرى أيضاً أن النجاح الذي بدأ اليهود في فلسطين يحققونه في عهده دليل على عظمة بهاء الله وعلى عظمة دورته الإلهية، وفي كتاب المفاوضات ورد ما يلي:"أنت تلاحظ وترى أن طوائف اليهود يأتون إلى الأرض المقدَّسة من أطراف العالم، ويمتلكون القرى والأراضي ويسكنون ويزدادون يوماً بعد يوم حتى تصبح جميع أراضي فلسطين سكناً لهؤلاء". وهو بذلك قد أخذ العقيدة الألفية البروتستانتية وأعطاها بعداً بهائياً.