١ ـ الصهيونية بالمعنى الديني: تشير كلمة «صهيون» في التراث الديني اليهودي إلى جبل صهيون والقدس، بل إلى الأرض المقدَّسة ككل، ويُشير اليهود إلى أنفسهم باعتبارهم «بنت صهيون» . كما تُستخدَم الكلمة للإشارة إلى اليهود كجماعة دينية. والواقع أن العودة إلى صهيون فكرة محورية في النسق الديني اليهودي، إذ أن أتباع هذه العقيدة يؤمنون بأن الماشيح المخلِّص سيأتي في آخر الأيام ليقود شعبه إلى صهيون (الأرض ـ العاصمة) ويحكم العالم فيسود العدل والرخاء. ولكلمة «صهيون» إيحاءات شعرية دينية في الوجدان الديني اليهودي، فقد جاء في المزمور رقم ١٣٧/١ على لسان جماعة يسرائيل بعد تهجيرهم إلى بابل:"جلسنا على ضفاف أنهار بابل وذرفنا الدمع حينما تذكرنا صهيون". وقد وردت إشارات شتى في الكتاب المقدَّس إلى هذا الارتباط بصهيون الذي يُطلَق عليه عادةً «حب صهيون» ، وهو حب يعبِّر عن نفسه من خلال الصلاة والتجارب والطقوس الدينية المختلفة، وفي أحيان نادرة على شكل الذهاب إلى فلسطين للعيش فيها بغرض التعبد. ولذا، كان المهاجرون اليهود الذين يستقرون هناك لا يعملون ويعيشون على الصدقات التي يرسلها أعضاء الجماعات اليهودية في العالم. وقد كان العيش في فلسطين يُعَد عملاً من أعمال التقوى لا عملاً من أعمال الدنيا، وجزاؤه يكون في الآخرة أو في آخر الأيام، ولذا فإنه لا تربطه رابطة كبيرة بالاستيطان الصهيوني، وخصوصاً أن اليهودية الحاخامية (الأرثوذكسية) تُحرِّم محاولة العودة الجماعية الفعلية إلى فلسطين وتعتبرها تجديفاً وهرطقة ومن قبيل «دحيكات هاكتس» أي «التعجيل بالنهاية» . فاليهودية تؤمن بأن العودة إلى أرض الميعاد ستتم في الوقت الذي يحدده الرب وبطريقته، وأنها ليست فعلاً بشرياً يتم على يد البشر. وهذه النزعة الصهيونية الدينية (التي تؤكد عنصر تجاوز المادة) لا علاقة لها بالاستيطان الصهيوني الفعلي والمادي في فلسطين ولا حتى بما يُسمَّى «الصهيونية