وتذهب الصيغة المُهوَّدة إلى أن العالم هو «المنفى» وأن اليهود يشكلون «شعباً عضوياً واحداً» لابد أن يُنقَل من المنفى (فهو شعب عضوي منبوذ) إلى فلسطين «أرض الميعاد» . ورغم هذا الاتفاق المبدئي إلا أن الديباجات تختلف، فالشعب العضوي المنبوذ لا يُنبَذ بسبب كونه جماعة وظيفية فقدت دورها أو لأنه قاتل المسيح، وإنما لعدد من الأسباب تتغيَّر بتغيُّر صاحب الديباجة منها أنه شعب مقدَّس مكروه من الأغيار في كل زمان ومكان بسبب قداسته (الصهيونية الإثنية الدينية) أو بسبب تركيبه الطبقي غير السوي (الصهيونية العمالية) أو لأن هويته الإثنية العضوية لا يمكن أن تتحقق إلا في أرضه (الصهيونية الإثنية العلمانية [الثقافية] ) أو لأنه شعب ليبرالي عادي يود أن يكون مثل كل الشعوب، وخصوصاً الشعوب الغربية (الصهيونية السياسة) . ومهما اختلفت الأسباب، فإن هذا الشعب ينظر إلى نفسه فيرى كياناً عضوياً مطلقاً له قيمة إيجابية ذاتية (بل يجد أنه المطلق وموضع الحلول والكمون (.
أما الهدف من النقل فليس التخلص من اليهود أو تأسيس دولة وظيفية تقوم على خدمة الغرب وإنما هو إصلاح الشخصية اليهودية وتطبيعها وتأسيس دولة اشتراكية تحقق مُثُل الاشتراكية (الصهيونية العمالية) أو الاستجابة للحلم الأزلي في العودة وتحقيق رسالة اليهود الإلهية وتأسيس دولة تستند إلى الشريعة اليهودية (الصهيونية الدينية) أو تحقيق الهوية اليهودية وتأسيس دولة يهودية بالمعنى العلماني تكون بمنزلة مركز روحي وثقافي ليهود العالم (الصهيونية الإثنية العلمانية) أو تحقيق مُثُل الحرية وتأسيس دولة ديموقراطية غربية (الصهيونية السياسية) . كما اكتسب المكان الذي سيُنقل إليه الشعب معنى داخلياً إذ تصبح الأرض هي الأرض الوحيدة التي تَصلُح للخلاص (المشيحاني أو الاشتراكي أو الليبرالي) ، فهي «أرض الميعاد» الإثنية الدينية أو العلمانية، بل إن خلاص الشعب هو خلاص الأرض، وهو نفسه مشيئة الإله.