وقد تنبَّه كثير من المفكرين الصهاينة إلى وجود الصيغة الشاملة المُهوَّدة أو اليهودية من وجهة نظرهم (رغم أن أحداً منهم لم يُسمِّها) ، فيشير حاييم لانداو، على سبيل المثال، إلى أن البرنامج الصهيوني يدور حول فكرة ثابتة واحدة "وكل القيم الأخرى إن هي إلا أداة في يد المطلق"، ثم يحدد هذا المطلق على أنه "الأمة". وقد وافقه موشيه ليلينبلوم، وكان ملحداً، على قوله هذا:"إن الأمة كلها أعز علينا من كل التقسيمات المتصلبة المتعلقة بالأمور الأرثوذكسية أو الليبرالية في الدين. فلا مؤمنين وكفار، فإن الجميع أبناء إبراهيم وإسحق ويعقوب ... لأننا كلنا مقدَّسون سواء كنا غير مؤمنين أو كنا أرثوذكسيين". والمعنى أن الشعب كله هو مركز الحلول، تجري في عروقه هذه القداسة بشكل متوارث. أما كلاتزكين، فإنه يوضح القضية بما ينم عن الذكاء في مقاله «الحدود» حيث يبين أن اليهودية تعتمد على الشكل لا على المضمون (الشكل يعني في واقع الأمر بنية العلاقات الكامنة وليس الشكل بالمعنى الدارج للكلمة) . وهذا الشكل الأساسي ـ كما يقول ـ هو تخليص "الشعب اليهودي" للأرض. أما المضامين الروحية أو الفكرية، فهي تختلف بشكل جذري، ولكن هذا لا يهم لأن مضمون الحياة نفسه (أي واقعها) سيصبح قومياً عندما تصبح أشكالها قومية. وقد تنبَّه هؤلاء المفكرون الصهاينة ـ وأولهم ديني متطرف في تَديُّنه والآخران علمانيان ـ إلى أن ثمة فكرة ثابتة، جوهراً ما، "مطلقاً" على حد قول الأول، و"شكلاً أساسياً" أو "قداسة معيَّنة" على حد قول المفكرين الآخرين. كما تنبهوا إلى أن هذا الجوهر هو الثابت وأنه يُغيِّر ما عداه ويُحوِّره ويسمه بميسمه. وقد حددوه بأنه مفهوم الأمة اليهودية.