للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ بعد أن ظهرت الصهيونية بين يهود الغرب، قامت بصهينة معظم يهود العالم، خصوصاً بعد إنشاء الدولة الصهيونية، ومن ثم فهي حركة عالمية بهذا المعنى. ولابد أن نسارع بالقول بأن الغالبية الساحقة من يهود العالم توجد الآن إما داخل التشكيل الحضاري الغربي (فرنسا ـ إنجلترا ـ روسيا) أو داخل التشكيل الاستعماري الاستيطاني الغربي (الولايات المتحدة ـ كندا ـ أستراليا ونيوزيلندا ـ أمريكا اللاتينية ـ جنوب أفريقيا ـ إسرائيل) ، وعلى وجه التحديد داخل التشكيل الاستعماري الاستيطاني الأنجلو ساكسوني.

٣ ـ الحركة الإمبريالية التي حوَّلت الصهيونية إلى كيان استيطاني هي حركة عالمية رغم أصولها الغربية، فقد جعلت العالم كله مجالاً لحركتها والتهامها وافتراسها. والإمبريالية عالمية لا لأنها حركة نشأت بين كل البشر وإنما لأنها حوَّلت البشر كلهم إلى مستعمر أو مستعمَر. وتكتسب الصهيونية صفة العالمية من ارتباطها بالإمبريالية الغربية العالمية.

٤ ـ يُلاحَظ أن الأدبيات السياسية الغربية، الصهيونية وغير الصهيونية، تستخدم كلمة «عالمي» بمعنى «غربي» . ولعل هذا يعود إلى أن الإنسان الأبيض في الغرب في القرن التاسع عشر كان يتصوَّر أنه مركز العالم وقمة رقيِّه، وأن الحضارات الأخرى حضارات متخلفة ستتطور لتلحق به وتصل إلى النموذج الحضاري العالمي نفسه. ويُلاحَظ في كتابات هرتزل أنه حينما يتحدث عن ضرورة إقامة المشروع الصهيوني "بضمان القانون الدولي العام"، فإن عبارة (القانون الدولي العام) تعني هنا (القانون الغربي) . ولذا، والتزاماً بالدقة، يجب أن نتحدث عن (الصهيونية الغربية) أو عن (الصهيونية) وحسب دون وصفها ليكون مفهوماً أنها حركة غربية وليست عالمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>