١ ـ صهيونية توطينية. وقد ظهرت في بداية الأمر بين الصهاينة غير اليهود (من المسيحيين والعلمانيين) وبين يهود الغرب المندمجين، وعلى وجه الخصوص أثرياؤهم. ثم عبَّرت الصهيونية التوطينية عن نفسها في الصهيونية الدبلوماسية وصهيونية الدياسبورا. وجمهور هذه الصهيونية هم مؤيدو المشروع الصهيوني في العالم الغربي ويهود الغرب الذين يؤيدون المشروع الصهيوني ولكنهم لا ينوون الهجرة، وهم يشكلون غالبية يهود وصهاينة العالم، وكذلك كل يهود غرب أوربا والولايات المتحدة تقريباً.
٢ ـ صهيونية استيطانية: وقد ظهرت في بداية الأمر على هيئة صهيونية تسللية ثم تحوَّلت إلى صهيونية استيطانية بعد مرحلة هرتزل وبلفور. وأهم التيارات الاستيطانية التيار العمالي، ويأتي معظم الصهاينة الاستيطانيين من يهود شرق أوربا.
وتقسيم «توطيني/استيطاني» ينصرف إلى المجال الذي يختاره كل صهيوني ليمارس نشاطه. ولنا أن نلاحظ وجود انقسامات فرعية داخل كل تيار بشأن التوجه السياسي (اشتراكي/رأسمالي) والموقف من التراث والهوية (ديني/علماني) . ويجب ألا نتصور أن هناك فصلاً قاطعاً بين الفريقين، فثمة تشابك وتداخُل بين الصهيونيتين (التوطينية والاستيطانية) قد يتبدَّى في الشخص الواحد نفسه، كما هو الحال مع وايزمان الذي قضى معظم حياته يقوم بنشاط في الخارج نيابة عن الداخل، ولكنه عاد بعد إعلان الدولة ليترأسها ويصبح من المستوطنين (وإن كان قد عاش في عزلة نظراً لأن زعيم الصهاينة الاستيطانيين ـ بن جوريون ـ لم يكن يرغب في أن يشاركه وايزمان السلطة) . ويظهر هذا التداخل في شخصية آحاد هعام، فيلسوف الصهيونية الإثنية العلمانية، الذي قام بجهود دبلوماسية ثم استوطن فلسطين نهائياً، ولكنه مع هذا ظل يشعر بالغربة فيها وبالحنين إلى المنفى والشتات!