ثالثاً: التقسيم على أساس إثني (إشكنازي/سفاردي، وغربي/شرقي (.
فرغم عدم اشتراك يهود البلاد العربية في إفراز الفكر الصهيوني أو الحركة الصهيونية، ورغم أن الصهيونية (بشقيها الشرقي الاستيطاني والغربي التوطيني) لم تتوجه إليهم بشكلٍّ خاص ولم تحاول تجنيدهم بشكل عام وواسع قبل عام ١٩٤٨، إلا أن إنشاء الدولة قد خلق حركيات تتخطى إرادتهم. كما أن حاجة الدولة الصهيونية إلى طاقة بشرية (بعد عزل يهود الشرق أو اختفائهم، وبعد رفض يهود الغرب الهجرة) ، جعلها تهتم بهم وتجندهم وتفرض عليهم في نهاية الأمر مصيراً صهيونياً، أي الخروج من أوطانهم. كما أن رغبتهم في الحراك الاجتماعي (فيما نسميه الصهيونية النفعية) قد ساعدت على ذلك. وقد استقرت أعداد كبيرة منهم في الدولة الصهيونية، وإن كان من الملحوظ أن أعداداً أكبر قد استقرت خارجها.
والانقسام على أساس إثني (إشكنازي/سفاردي، وغربي/شرقي) هو انقسام مهم وخطير، فرغم أنه لم يؤثر في الأطروحات الفكرية النظرية الصهيونية الأساسية إلا أنه ترك أعمق الأثر في حركيات الدولة الصهيونية.
رابعاً: التقسيم على أساس العقيدة السياسية.
ينقسم الصهاينة من المنظور السياسي إلى قسمين أساسيين: اشتراكي (عمالي) ورأسمالي ليبرالي من دعاة المشروع الحر. وهو تقسيم ذو قيمة تفسيرية ضعيفة، وذلك بسبب طبيعة الدولة الصهيونية الوظيفية وقيام الإمبريالية الغربية بتمويلها بكل قطاعاتها الرأسمالية والاشتراكية. وهناك تصنيفات سياسية أخرى مثل انقسام الصهاينة إلى ديموقراطيين وفاشيين، وهكذا. لكن هذا التقسيم لا يقل في ضعفه من ناحية مقدرته التفسيرية عن التقسيم على أساس اشتراكي/رأسمالي للسبب السابق نفسه. ولعله، بعد تَساقُط المنظومة الاشتراكية في العالم، لم تَعُد لهذا التقسيم قيمة كبيرة. وهناك أيضاً الانقسام على أساس حدود الدولة ومستقبلها.