وقد عبَّر أتو ووربورج، رئيس المنظمة منذ عام ١٩١١ وحتى عام ١٩٢٠، عن هذه الصهيونية التوفيقية بشكل أدق إذ قال: إن "الحق التاريخي الذي تستند إليه ملكيتنا لفلسطين ... لا تأثير له وحده وفي حد ذاته على الدول الكبرى. بل يتوجب علينا إيجاد صيغة عصرية لذلك الحق تضاف إليه. وهذه الصيغة تقوم على برهنتنا، إن لم يكن شرعياً أو حقوقياً (دي جوري de jure) فبحكم الواقع الفعلي (دي فاكتو de facto) ، على أن فلسطين تخضع اقتصادياً لنفوذنا، وأن جميع ما أحرزته تلك البلاد من تَقدُّم كبير وملموس يرجع في الأصل إلى مبادرتنا وقوة وسائلنا الاقتصادية وفعاليتها ولم ينشأ إلا بفضلها". وهو هنا لا يشير إلى الصهيونية الدبلوماسية التوطينية وحسب، أو إلى الصهيونية الاستيطانية وحسب، وإنما يشير أيضاً إلى الصهيونية الإثنية (الحق التاريخي) ، كما أنه ينظر إلى فلسطين من منظور التيارات الصهيونية الثلاثة وإن كان يؤكد أهمية الاستيطان وسياسة خلق الحقائق.
ولعل كلمات أوسيشكين (بعد وفاة هرتزل) هي أدق التصريحات، فقد اقترح العودة لا إلى صهيونية أحباء صهيون الاستيطانية ولا إلى الصهيونية الروحية (الصهيونية الإثنية) ولا إلى الصهيونية الدبلوماسية (التوطينية) وإنما إلى مزيج من هذه التيارات الثلاثة معاً، أي إلى الصهيونية السياسية كما نص عليها برنامج بازل. وهي، إذن، دعوة إلى الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة المُهوَّدة وإلى وحدة كل التيارات الصهيونية داخل إطار هذه الوحدة.