لقد ظلت أكثرية التيارات والجماعات الدينية اليهودية تحافظ على موقف غير صهيوني من المشروع الصهيوني (الانتظار لمشيئة الإله) . ولكن هذه التيارات بدأت بعد إعلان الدولة الصهيونية تنقاد بالتدريج للتعايش مع المفهوم الصهيوني للعودة. وبعد حرب ١٩٦٧، بدأت أحزاب دينية صهيونية عديدة تنظر إلى نتائج هذه الحرب باعتبارها معجزة و"إشارة ربانية" إلى بداية الخلاص، وأن دولة إسرائيل ما هي إلا مقدمة مجيء الماشيِّح المخلِّص، مضفية بذلك على دولة إسرائيل سمات دينية مشيحانية. بل اعتبرها البعض استجابة لنداء الرب، بل هي "الإرادة الإلهية نفسها"(على حد تعبير الحاخام كوك الأب الروحي لحركة جوش إيمونيم) .
كذلك تتضح هذه المنهجية التلفيقية على صعيد مبادئ وأُسس النظام السياسي والاجتماعي في الكيان الصهيوني، وسواء أتعلَّق ذلك بتصور الصهيونية لهذه المبادئ والأُسس أم تعلَّق بتعاملها معها. وهكذا، فإن الصهيونية توظف فكرة العودة مثلاً لحث أكبر عدد من يهود العالم على الهجرة إلى فلسطين، بينما يظل التساؤل حول المعيار المحدد للهوية اليهودية (من هو اليهودي؟) بغير جواب حاسم من مؤسسة دولة إسرائيل، لئلا يقود - كما رأت جولدا مائير مثلاً - تبنِّي معيار متساهل لتحديد الهوية اليهودية إلى اندماج يهود الخارج في مجتمعاتهم، بينما يقود التشدد في ذلك إلى عواقب وخيمة على بنية الكيان الصهيوني نفسه في فلسطين؛ وعبر مثل هذا التوظيف (العملي) الذي تمارسه هنا جولدا مائير أحد أقطاب الصهيونية العمالية لأطروحات الصهيونية الإثنية، يظل تحديد من هو اليهودي خاضعاً، عن وعي وتصميم، لاعتبارات ظرفية غير عقائدية، وذلك رغم المحورية المركزية الطاغية لصفة اليهودي في المشروع الصهيوني.