وتظهر عملية التحييد في حديث الصهاينة عن "التقدم" في المنطقة وتحويل الصحراء إلى مزارع خضراء.. إلخ، دون أن يُحدَّد لحساب مَنْ وعلى حساب مَنْ سيتم هذا التقدم. وقد لجأ مارتن بوبر لحيلة مماثلة في خطاب أرسل به لغاندي إذ كتب له محاولاً تبرير الغزو الصهيوني قائلاً إن الأرض لمن يزرعها، وكأن المستوطنين الصهاينة مجرد فلاحين مسالمين وجدوا أرضاً فقاموا بحرثها وزرعها في صبر وأناة بينما يقوم العرب [اللئام] بالتنغيص عليهم! وفي هذا إلغاء كامل لأصول الصراع واستخدام لمصطلحات محايدة تُلغي التاريخ.
٣ ـ استخدام مصطلحات دينية يهودية في سياقات تاريخية زمنية:
هذه الحيلة البلاغية مُتضمَّنة في كل الحيل السابقة، ولكنها من الأهمية بمكان بحيث قد يكون من المفيد معالجتها بشكل مستقل. والخطاب اليهودي الحلولي الكموني لا يُفرِّق بين التاريخ الزمني والتاريخ المقدَّس ولا بين المطلق والنسبي. وهذا ما يفعله الخطاب الصهيوني حين يشير إلى فلسطين باعتبارها «الأرض المقدَّسة» أو «أرض الميعاد» أو «إسرائيل»(وهو اسم يعقوب بعد أن صارع الرب) . واستخدام المصطلحات الدينية في سياق زمني يخلق استمرارية لا زمنية، فالعبرانيون الذين خرجوا من أرض المنفى في مصر وصعدوا إلى أرض كنعان لا يختلفون كثيراً عن اليهود السوفييت أو يهود الفلاشاه الذين خرجوا من بلادهم (المنفى) وصعدوا إلى أرض كنعان (دولة إسرائيل) . ومن هنا تُسمَّى الهجرة الاستيطانية إلى فلسطين «عالياه» ، من العلو والصعود، بينما الهجرة منها هي «يريداه» بمعنى «الارتداد والكفر» . ويؤدي استخدام المصطلحات الدينية إلى خلع القداسة اليهودية على الأرض الفلسطينية، الأمر الذي يعني تحويل اليهود إلى عنصر مرتبط بها عضوياً، أما العرب، فيتم تهميشهم، فهم يقعون خارج نطاق دائرة القداسة.
٤ ـ إخفاء دال معيَّن تماماً أو محوه من المعجم السياسي والحضاري أو استخدام دوال تؤدي إلى تغييب العرب: