للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن المشروع الإمبريالي لم يكن يتم في ظل نظريات التجارة الحرة، إذ سيطر فكر احتكاري جديد يُسمَّى «نيو ـ مركنتالي neo-mercantile» (أي «المركنتالي الجديد» ) بحيث تم تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ واحتكارات، كل منطقة منها مقصورة على الدولة التي استعمرتها (ومن هنا المؤتمرات الدولية المختلفة في هذه الفترة لتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ) . ومع منتصف القرن التاسع عشر كانت إنجلترا ورشة العالم بلا منازع. فإنتاجها الصناعي كان قد وصل إلى مستوى لم تعرفه البشرية من قبل، وإمبراطوريتها كانت مترامية الأطراف تحميها قوة عسكرية ضخمة وأسطول يُسيطر على كل بحار العالم. وقد اتخذت السياسة البريطانية شكلاً إمبريالياً أكثر حدة، ولا سيما بعد تحطيم مطامع روسيا في حرب القرم، وبعد أن تحوَّل مشروعها الاستعماري إلى أواسط آسيا وغيرها من المناطق البعيدة عن أفريقيا والشرق الأوسط اللذين تزايد الاهتمام الإمبريالي البريطاني بهما. فاشترت بريطانيا أسهم شركة قناة السويس عام ١٨٧٦، واستولت على قبرص عام ١٨٧٨، واحتلت مصر (الطريق إلى الهند) عام ١٨٨٢. ونتيجة كل هذا أصبح مصير فلسطين جزءاً من المخطط الاستعماري البريطاني، الأمر الذي حدا بكتشنر أن يطالب بتأمين ضم فلسطين للإمبراطورية. ومع هذا كانت بريطانيا لا تزال ملتزمة بضمان ممتلكات الدولة العثمانية "من النيل إلى الفرات" التي "وعد الرب بها إبراهيم" ومن ثم أصبحت منطقة نفوذ بريطانية. ولكن في عام ١٨٨٥ قرَّرت حكومة المحافظين أن من الخير الموافقة على اقتراح القيصر بتقسيم الإمبراطورية (العثمانية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>