ارتبطت حركة أعضاء الجماعات اليهودية وهجرتهم بالتشكيل الاستعماري الاستيطاني الغربي (وخصوصاً الإنجليزي) . ويُلاحَظ أن الفكر الصهيوني قد وُلد في البداية في الأوساط الإنجليزية البروتستانتية قبل أن يصل إلى أعضاء الجماعات اليهودية. فمفكرون مثل شافتسبري وأوليفانت، كانوا قد توصلوا إلى كل الأطروحات الصهيونية قبل بنسكر وهرتزل بعشرات السنين. كما أن أوليفانت وغيره كانوا قد بدأوا بوضع مشروعهم الصهيوني موضع التنفيذ. ومقابل ذلك، كان هناك معارضة للصهيونية بين يهود إنجلترا المندمجين. ولم تبدأ الأفكار الصهيونية في الظهور إلا مع هجرة يهود اليديشية في أواخر القرن التاسع عشر.
ويمكن تقسيم تاريخ الحركة الصهيونية في إنجلترا إلى أربع مراحل:
المرحلة الأولى: منذ نشأة الحركة حتى ١٩١٤:
اتسمت علاقة الحركة الصهيونية باليهود البريطانيين بالمعاداة أو اللامبالاة حيث اعتبرها معظم الرموز اليهودية في إنجلترا حركة خرافية خيالية تضر بمصالح اليهود، وكان الأنصار الأساسيون للحركة الصهيونية في بريطانيا هم الساسة غير اليهود الذين وجدوا فيها وسيلة جيدة لتحقيق الأطماع البريطانية الاستعمارية في الشرق العربي.
وكانت لندن أول العواصم الأوربية التي عبَّر فيها هرتزل عن فكرته الصهيونية في النادي المكابي في عام ١٨٩٥ ونشر برنامجه الصهيوني لتوطين اليهود في فلسطين في جريدة جويش كرونيكل (يناير ١٨٩٦) قبل نشره كتاب دولة اليهود. وكما هو متوقَّع أخذت الصهيونية في بريطانيا الشكل التوطيني. وعندما وصل هرتزل إلى لندن عام ١٨٩٦، لم يُقابَل اقتراحه بحماس كبير بين اليهود الإنجليز المندمجين. وتخبرنا موسوعة إسرائيل والصهيونية بأن "موجة الحماس التي نتجت عن ظهور هرتزل لم تتعد المهاجرين قط"(بعبارة أخرى: المادة البشرية من شرق أوربا) .