٢ ـ تزايد نفوذ المدن الإيطالية التجارية بخاصة البندقية وجنوا وبيزا، وأصبح لها أساطيلها التجارية الضخمة التي فكت الهيمنة الإسلامية على البحر الأبيض المتوسط. وقام الجنويون والبيزيون بطرد المسلمين من قواعدهم في جنوب إيطاليا وجزيرة كورسيكا في القرن العاشر الميلادي، وهيمنوا على غربي المتوسط في القرن الحادي عشر الميلادي. بل حاولت المدن الإيطالية تأمين موطئ قدم لها على ساحل المتوسط ذاته، فعبأت كل من جنوة وبيزا أسطولاً هاجم تونس عام ١٠٨٧، واضطر أمير تونس بعدها إلى أن يفرج عن الأسرى المسيحيين وأن يدفع تعويضاً ويعفي التجار الجنويين والبيزيين من ضرائب الاستيراد. وكان لمدينة البندقية نشاطها أيضاً، فقد هيمنت على البحرين الأدرياتيكي والإيجي في بداية القرن الحادي عشر الميلادي ووصلت إلى البحر الأسود. ولا شك في أن حروب الفرنجة ساهمت في العملية المتصاعدة الهادفة إلى فك الحصار الذي فرضه المسلمون على تجارة الشرق، وأعطت المدن الإيطالية موطئ قدم في مواقع مهمة من شرق المتوسط. وقد حصلت هذه المدن على امتيازات وتسهيلات تجارية ضخمة داخل الممالك الخاضعة للفرنجة في الشام وفلسطين.
٣ ـ يُلاحَظ أن أوربا شهدت تزايداً في عدد السكان مع نهاية القرن العاشر الميلادي واستمر التزايد حتى القرن الثالث عشر الميلادي وهو تزايد لم تواكبه بالضرورة زيادة في الرقعة الزراعية، ومن هنا بدأت السلطات الدنيوية في تحريم امتلاك اليهود للأراضي الزراعية وهو حظر طُبِّق على الكنائس والأديرة.