وكما أسلفنا، فقد سبقت حروب الفرنجة بعث اقتصادي، وظهور الجمهوريات الإيطالية وقوى بورجوازية مسيحية أخرى (دولية ومحلية) بدأت تُزاحم اليهود وتحاول الحد من قوتهم. فمنعت البندقية، قبل حروب الفرنجة، نَقْل التجار اليهود على سفنها، كما اتخذت العصبة الهانسية إجراء مماثلاً للحد من التجارة اليهودية. وقبل أن يحل القرن الثاني عشر الميلادي سُنَّت قوانين تحد من نشاط اليهود التجاري في الداخل.
ومن الحقائق التي تستحق الذكر أن كبار المموِّلين اليهود قد اشتركوا في تمويل بعض حملات الفرنجة عن طريق إقراض الملوك أو النبلاء الإقطاعيين الذين اشتركوا في تلك الحملات أو قاموا بتجريدها. وقد اضطر هؤلاء إلى رهن ضياعهم لدى المرابين اليهود لتدبير الأموال اللازمة. كما أن كثيراً من صغار النبلاء بل بعض الحرفيين والتجار كانوا مدينين لليهود. لكل هذا، كان من مصلحة كثير من القطاعات الاقتصادية الهجوم على اليهود كوسيلة للتخلص من الأعباء المالية، ويرجع ذلك إلي أن الكنيسة كانت إما تجمد الفوائد على الديون أو تلغيها كليةً بالنسبة لمن يشترك في الحملة وذلك كنوع من المساهمة في عملية التعبئة. ومن هنا، كان الشعار الذي طرحه الفرنجة هو أن حملاتهم لابد أن تبدأ في أوربا ضد اليهود.