للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمجتمع الاستيطاني مجتمع مزروع أو مشتول في العادة، فهو يأخذ شكل الدولة الجيتو أو الدولة القلعة. ونشير له الآن بأنه الدولة الشتتل. والشتتل هي المدن الصغيرة التي أسسها النبلاء البولنديون (شلاختا) في أوكرانيا لأعضاء الجماعات اليهودية ليقوموا بدورهم الذي أوكل إليهم في جمع الضرائب والإيجارات والإشراف على إدارة ضياع هؤلاء النبلاء حيث كانت تحميهم القوة العسكرية البولندية. وهذا المجتمع منعزل عن بيئته وينصرف جزء كبير من نشاطه إلى عملية القتال ضد السكان المحليين. وهذه مسألة ليست عرضية وإنما هي مسألة جوهرية وتنبع من الوظيفة نفسها. والعالم الغربي يزود الجيوب الاستيطانية بالعون ومقومات الحياة حتى تظل ركيزة لنشاطاته الإمبريالية والتوسعية. وينطبق هذا الوضع على الجيبين الفرنجي والصهيوني، وإن كان يبدو أن الدعم الغربي للجيب الصهيوني يفوق الدعم الغربي للجيب الفرنجي. ولعل هذا يعود إلى أن الغرب أدرك وظيفة الجيب الصهيوني كاستثمار إستراتيجي يأتي بعائد اقتصادي غير مباشر عن طريق تهدئة المنطقة وليس كاستثمار اقتصادي يأتي بعائد اقتصادي مباشر. وربما لم تكن لدى أوربا في العصور الوسطى الرؤية الإستراتيجية الشاملة التي يمتلكها الغرب في الوقت الحاضر.

<<  <  ج: ص:  >  >>