للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«العقيدة الاسترجاعية» هي الفكرة الدينية التي تذهب إلى أنه كيما يتحقق العصر الألفي، وكيما تبدأ الألف السعيدة التي يحكم فيها المسيح (الملك الألفي) ، لابد أن يتم استرجاع اليهود إلى فلسطين تمهيداً لمجيء المسيح. ومن هنا، فإن العقيدة الاسترجاعية هي مركز وعصب العقيدة الألفية. ويرى الاسترجاعيون أن عودة اليهود إلى فلسطين هي بشرى الألف عام السعيدة، وأن الفردوس الأرضي الألفي لن يتحقق إلا بهذه العودة. كما يرون أن اليهود هم شعب الله المختار القديم أو الأول (باعتبار أن المسيحيين هم شعب الله المختار الجديد أو الثاني) . ولذا، فإن أرض فلسطين هي أرضهم التي وعدهم الإله بها، ووعود الرب لا تسقط حتى وإن خرج الشعب القديم عن الطريق ورفض المسيح (وصلبه) . ولذا، فإن كل من يقف في وجه هذه العودة يُعتبَر من أعداء الإله ويقف ضد الخلاص المسيحي، فأعداء اليهود هم أعداء الإله.

ويُلاحَظ هنا أن الفكر الحلولي اليهودي يجعل اختيار الإله لليهود ليس منوطاً بفعلهم الخير وتحاشيهم الشر، فهي مسألة عضوية حتمية تتجاوز الخير والشر. كما أن جَعْل الخلاص مسألة مرتبطة باليهود، ومَنْح اليهود مركزية في رؤيا الخلاص، هو جوهر القبَّالاه اللوريانية التي تجعل خلاص الإله من خلاص اليهود، إذ يستعيد ذاته المبعثرة من خلالهم.

ومن الواضح أن العقيدة الاسترجاعية، شأنها شأن العقيدة الألفية، تفترض استمراراً كاملاً ووحدة عضوية بين اليهود في الماضي والحاضر والمستقبل، ومن ثم فهي تنكر التاريخ تماماً. والاسترجاعيون عادةً حرفيون في تفسير العهد القديم، وهذا أمر أساسي لتأكيد الاستمرار، فهم لا يرون إلا دالاً واحداً ثابتاً مرتبطاً بمدلول واحد ثابت لا يتغيَّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>