للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ تذهب العقائد الألفية والاسترجاعية إلى أن عملية الخلاص النهائي ستصاحبها معارك ومذابح تصل ذروتها في معركة واحدة أخيرة (هرمجدون) ، وهي معارك سيروح ضحيتها ثلثا يهود العالم وستخرب أورشليم (القدس) . بل إنه كلما ازداد العنف ازدادت لحظة النهاية اقتراباً، فكأن التعجيل بالنهاية لا يتم هنا من خلال فعل أخلاقي يقوم به المسيحيون وإنما من خلال تقديم قربان مادي جسدي للإله (هولوكوست) يُشوَى بأكمله. بل إن أبعاد هذه المذبحة ستكون أوسع مدىً من المحرقة النازية، فكأن العقيدة الاسترجاعية هي عكس العقيدة المسيحية. ففي العقيدة المسيحية، يأتي المسيح ويُنزَف دمه ويُصلَب ويُهزَم، فهو قربان يُقدِّمه الإله فداءً للبشر بأسرهم، قربان لا حاجة بعده إلى قرابين. أما العقيدة الاسترجاعية فتذهب إلى أن المسيح قائد عسكري يدخل المعارك ويثخن في الأعداء ثم ينتصر. واليهود هم الذين سينزفون، وهم قربان الرب الذي لا حاجة بعده إلى قرابين، ولذلك فإن ذَبْحهم (أو صَلْبهم) يشير إلى النهاية الألفية السعيدة. كما أن اليهود، حسب الرؤية المسيحية التقليدية، كانوا دعاة القومية، على حين أن المسيح هو داعية العالمية. أما هنا، فإن العكس هو الصحيح، فاليهود هم مركز خلاص العالم والمسيح هو القائد القومي الذي سيؤسس مملكته في صهيون.

٣ ـ انتهت حياة المسيح الأولى بإنكار اليهود له وصلبه، أما حياته الثانية فستنتهي بإعلان انتصاره وبالتدخل في آخر لحظة لإنقاذ البقية الباقية من اليهود (وإعادتهم إلى أرضهم) ، فيخر اليهود أمام المسيح ويعترفون بألوهيته ويقابلونه باعتباره الماشيَّح المنتظَر ويتحولون إلى دعاة تبشير بالمسيحية ينشرون الإنجيل في العالم، أي أن المسيح سينجح في إقناع اليهود بما فشل في إقناعهم به أول مرة. وحينما يحدث ذلك، تكون الدائرة الحلولية قد اكتملت وتمت هداية العالم بأسره.

<<  <  ج: ص:  >  >>