للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن القول بأن ظهور محمد علي وقَلْبه موازين القوى وتهديده للمشروع الاستعماري الغربي ووضعه حداً لآمال الدول الغربية التي كانت تترقب اللحظة المؤاتية لاقتسام تركة رجل أوربا المريض، أي الدولة العثمانية، يُشكِّل نقطة تحوُّل في تاريخ فلسطين وتاريخ الصيغة الصهيونية الأساسية، إذ تساقطت الأردية الدينية وظهر الواقع المادي النفعي. ويشرح الزعيم الصهيوني حاييم سوكولوف الموقف فيقول إن أوربا عام ١٨٤٠ اضطرت محمد علي إلى التوقيع على «معاهدة لندن لتهدئة الشرق» ، وبعد ذلك أصبح المنطق السائد في أوربا آنذاك على النحو التالي:

"إذا اتفقت الدول العظمى الخمس على تسوية المسألة الشرقية على أساس استقلال سوريا ... واسترجاع اليهود لها ... حاملين معهم عُدة الحضارة وأجهزتها، بحيث يكونون نواة لخلق مؤسسات أوربية ... تحت رعاية القوى الأوربية الخمس ... فإن ذلك سيساهم في أن تسترجع الدولة العثمانية قوتها ... ومما لا شك فيه أن حالة سوريا محفوفة بعديد من المصاعب نظراً لانقسام سكانها إلى قبائل منفصلة. ولكن هذا لا يُثبت سوى ضرورة إدخال «مادة جديدة» . حتى يتم صَهْر الطبقات كلها في جماعة مترابطة متوازنة. وإذا ما سلمنا بضرورة إدخال مادة جديدة في نسيج سوريا الاجتماعي، فإننا سنسلِّم بالتالي بأن هجرة اليهود إلى سوريا ستزودنا بأكثر المواد قبولاً. وسيتبع ذلك إقامة مؤسسات أوربية. وستجد إنجلترا حليفاً جديداً سيثبت أن الصداقة معه في نهاية الأمر ذات نفع لها في التعامل مع المسألة الشرقية".

<<  <  ج: ص:  >  >>