٣ ـ يستمد اليهودي هويته المتعينة من مجتمعه العلماني الاستهلاكي، فهو أمريكي يهودي. ولكن هذه الهوية لا تستبعد بعض عناصر إثنية غير أمريكية، والواقع أن العقد الاجتماعي في العالم الغربي لا يرفض مثل هذا التنوع السطحي. وتتحقق هذه الهوية اليهودية من خلال دَفْع التبرعات (ولهذا، فإنها تُسمَّى «يهودية دفتر الشيكات» ) ، وكذلك من خلال الاحتفاظ ببعض الزخارف اليهودية التي لا تسبِّب الحرج لليهودي المندمج ولا تفرض عليه أية التزامات. وهذه الهوية اليهودية ستتدعم من خلال النظر لإسرائيل باعتبارها مركز الثقافة اليهودية وركيزتها الأساسية. والصهاينة التوطينيون يحتاجون إلى مثل هذا المركز في مجتمعاتهم العلمانية حيث يجابه الإنسان تآكل هويته وافتقاد المعنى بسرعة.
٤ ـ تتحول إسرائيل من صهيون (التي يدور حولها الحلم المشيحاني بالعودة) إلى مسقط رأس اليهود، تماماً مثل أيرلندا بالنسبة إلى الأمريكيين الأيرلنديين وإيطاليا بالنسبة إلى الأمريكيين الإيطاليين والعالم العربي بالنسبة إلى الأمريكيين العرب. فكأن إسرائيل أصبحت الدولة التي يهاجر اليهودي منها لا إليها، وهو ما يعني أن الأسطورة الكامنة في الصهيونية التوطينية تقف على النقيض من الصهيونية الاستيطانية.
٥ ـ يستطيع الصهيوني التوطيني أن يتبنَّى أية عقيدة سياسية تروق له وأن يؤيد أي حزب داخل إسرائيل. ويمكننا أن نقول إن معظم الرأسماليين اليهود في العالم الغربي من أتباع الصهيونية التوطينية. ولعل أقصى تعبير عن هذا الاتجاه هو ظهور كتاب هوارد ساخار الدياسبورا الذي لا يتضمن أي فصل عن الولايات المتحدة وكندا، فهما وطنان قوميان لليهود أما إسرائيل فهي الوطن الأم.