للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد مؤتمر سان ريمو، ظهرت التناقضات بين برانديز بنزعته التوطينية واتجاهاته الاندماجية من جهة، ومن جهة أخرى ممثلي الصهيونية الاستيطانية التي تحاول أن تستفيد من كل يهود العالم ولا تتركهم وشأنهم، وكذلك ممثلي الصهيونية الإثنية (الدينية والعلمانية) التي تحاول أن تفرض على يهود العالم هوية يهودية محددة تتناقض مع طموحاتهم الأمريكية نحو الاندماج الكامل (وهو التناقض الذي سماه أحد الصهاينة «الصراع بين واشنطن ومنسك» )

وقد قدَّم برانديز عدة اقتراحات جوهرها فك الاشتباك تماماً بين صهاينة الخارج التوطينيين وصهاينة الداخل المستوطنين بحيث يصبح كل فريق فيهم حراً تماماً عن الآخر، على أن يتم التواصل بينهم من خلال حكومة الانتداب (الممثل الرسمي للاستعمار الغربي) . ويظهر مدى إلحاح رغبة برانديز في فك الاشتباك بين التوطينيين والاستيطانيين في تأييده مشروع نوردو الخاص بنقل عدد ضخم من اليهود إلى فلسطين لخلق أغلبية سكانية فورية تتمتع بعد قليل بالسيادة الكاملة على أن تتم العملية برمتها تحت إشراف حكومة الانتداب وداخل إطار المصالح الغربية.

ويتلخص اقتراح برانديز في محاولة تحديد مهمة الصهاينة التوطينيين ونطاق عملهم على المستويين الدولي الخارجي والفلسطيني الداخلي:

١ ـ في المجال الدولي، كان برانديز يرى أن مهمة الصهيونية السياسية أو الدولية قد انتهت تماماً مع صدور وعد بلفور إذ أن حكومة الانتداب ستستوعب كل مهام الصهيونية السياسية الدولية. ولذا، يستطيع الصهاينة التوطينيون إسقاط هذا الجانب من نشاطهم. ويجب على كل قيادات الحركة الصهيونية (باستثناء سوكولوف ووايزمان) تَرْك النشاط الاستيطاني والدولي وأن يركزوا على محاولة تأسيس منظمة صهيونية قوية ليس لها طابع سياسي تضم اليهود غير الصهاينة الذين ينضمون إليها في إطار حكومة الانتداب بهدف جَمْع رأسمال يموِّل المشاريع التي ليس لها عائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>