وقد تزامن ظهور المؤسسات التوطينية مع تنامي الحركة الصهيونية، كما أن هذه المؤسسات تتفق مع الحركة الصهيونية في بعض الأهداف وإن اختلفت الوسائل. وكلاهما يتفق على بعض عناصر الصيغة الصهيونية الشاملة، فكل من المؤسسات التوطينية والحركة الصهيونية تهدف إلى التخلص من يهود اليديشية (الفائض البشري اليهودي في المُصطلَح الصهيوني) . وكانت الصهيونية تحاول إنجاز هذا الهدف عن طريق الاستيلاء على أرض فلسطين وطَرْد سكانها وإحلال المستوطنين اليهود محلهم وتوظيفهم في خدمة الاستعمار الغربي. أما المؤسسات التوطينية، فكانت تهدف إلى إنجاز الهدف نفسه من خلال ما يلي:
١ ـ توطين المهاجرين اليهود في البلاد الاستيطانية التي تحتاج إلى مادة بشرية مثل أمريكا اللاتينية (الأرجنتين على وجه الخصوص) وأستراليا، على أن يذوبوا في المجتمعات الجديدة ويصبحوا جزءاً من أهلها وثقافتها. ويُلاحَظ أن عملية التوطين تتم في إطار التشكيل الاستعماري الاستيطاني الغربي بشكل عام، وليس لها مضمون يهودي محدد. ويُلاحَظ أن البلاد التي كان التوطين يتم فيها تتسم بأن عملية الإبادة والإحلال للسكان الأصليين فيها كانت قد اكتملت (ولذا، فإن التوطين هنا يتم بموافقة السلطة الجديدة والعنصر البشري المهيمن وليس رغماً عنه) ، وكانت المؤسسات التوطينية تشجع اليهود المهاجرين على التخلي عن ميراثهم الثقافي والديني والاقتصادي وعلى الاندماج بل الذوبان في مجتمعهم الجديد.