ويعود ظهور هذه الجمعيات إلى تعثُّر عملية التحديث في روسيا وشرق أوربا، وإلى تناقُص فرص الحراك الطبقي أمام بعض قطاعات اليهود هناك. وتصدُر هذه الجمعيات عن الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة بعد تهويدها من خلال بعض المفاهيم اليهودية أو شبه اليهودية، مثل: رَفْض الاندماج، والإيمان بأن معاداة اليهود ظاهرة أزلية، ورَفْض الانتظار السلبي للماشيَّح، وكذلك حل المسألة اليهودية، هنا في الأرض وفي هذه الأيام وليس هناك في السماء أو في آخر الأيام.
وقد اكتشف أعضاء أحباء صهيون أن الحل ليس في الأرض بشكل عام وإنما في العالم الغربي وبين أثرياء اليهود هناك على وجه التحديد. وكانت هذه الجمعيات تسعى إلى حل مشكلة يهود شرق أوربا عن طريق ما يُسمَّى "جهودهم الذاتية"، أي دون الاعتماد على الدول الغربية، وذلك لتهجير من يريد منهم إلى أية بقعة في العالم وتوطينه فيها، ثم استقر الاختيار على فلسطين.
وحركة أحباء صهيون هي أهم ممثلي التيار الصهيوني التسللي (الذي يُسمَّى «العملي» ) والذي تصدَّى لهرتزل. وقد دعي بنسكر وليلينبلوم و٣٤ شخصية يهودية إلى اجتماع في منزل بنسكر في أكتوبر ١٨٨٣. ولعل وظائف المدعوين تعطي صورة عن التكوين الطبقي للجمعية فحوالي النصف كانوا من التجار، وكان هناك أيضاً صاحب بنك وسمسار في البورصة وأربعة أطباء وصيدلي وكبير حاخامات أوديسا، وكان المجتمعون يعرفون أن أثرياء اليهود في شرق أوربا سيعارضونهم (إذ أنهم كانوا من دعاة الاندماج) . ولذا قرروا أن يكون التوجه للطبقة الوسطى.